يخرج علينا البعض بين حين وآخر بتقولات ما أنزل الله بها من سلطان تدور كلها حول التشكيك وإثارة البلبلة حول أمر ما. فمنذ عقد من الزمان قاد البعض حملة ضد لعبة «البوكيمون» اليابانية إلى درجة وصلت بهم إلى تحريم بيع هذه اللعبة وشرائها على أساس أن فيها قدحاً بالذات الإلهية، بينما قال آخرون إنها تعني باللغة العبرية «أنا يهودي»؟! وبعد أن وقع الضرر بكثير من التجار الذين استوردوا هذه اللعبة أتضح أن كل ذلك كان مجرد هراء لا أساس له من الصحة، وأن اسم المنتج في اليابان هو « بوكيت مونستر « Poket monster ، ومعناه: الحيوان المسخ الصغير بحجم الجيب ، وبوكيمون : هو اختصار لهاتين الكلمتين . واليوم يخرج علينا البعض مجددا بتخريجات جديدة حول ما تعنيه كلمة «بيبسي» باللغة الإنجليزية. فكلمة Pepsi كما يقول هؤلاء هي اختصار لمجموعة كلمات، وهي في الحقيقة [p.e.p.s.i]. وهذه الحروف هي أوائل مجموعة كلمات بالإنجليزية تفيد معنىً صريحا، كما يلي: * يرمز حرف P لكلمة: Pay بمعنى: ادفع * ويرمز حرف E لكلمة: Every بمعنى: كل * ويرمز حرف P (الثانية) لكلمة: Pens بمعنى: النقود *وكلمة To حرف ربط تعادل حرف اللام بمعنى: لأجل (ولذلك لا تحتسب في الاختصارات) *ويرمز حرف S لكلمة: Save بمعنى: حفظ *ويرمز حرف I لكلمة: Israel بمعنى: إسرائيل فتكون الجملة الحاصلة من مجموعة هذه الكلمات : Pay Every Pens To Save Israel ، وهي تعنى: ادفع كل قرش لإنقاذ إسرائيل ؟! وبناء على ما جاء عاليه يدعو هؤلاء إلى مقاطعة هذا المُنتج الذي يدعم علناً دولة إسرائيل. وكانت مجموعة أخرى من هؤلاء قامت منذ فترة أيضا باكتشاف معنى كلمة «كوكا كولا» والتي تكتب Coca Cola»» بالإنجليزية. فقد تمكن أحدهم من الدخول داخل إحدى زجاجات هذا المنتج ليخرج لنا باكتشاف مذهل وهو أن الكلمة تُقرأ بالعربية (لا محمد لا مكة)، وهو ما يعني أن شرب كوكا كولا يعني كفر بالإسلام والرسول صلى الله عليه وسلم؟! ولمن لا يعرف فإن بيبسي كولا أنتجت كمشروب مُنعش في الولاياتالمتحدة في عام 1890 م، أي قبل 58 عاما من إقامة إسرائيل!! وأطلق عليها الاسم التجاري «بيبسي كولا» عام 1898، ولاحقا في عام 1903 اكتفي باسم «بيبسي» المعروفة حالياً. وهناك عدة أصول لكلمة بيبسي لا يعني أي منها إسرائيل ولا يمت للدولة الصهيونية بصلة. ونخشى، كما يقول أحد الكُتاب، أن يكون كل العثار والصخب والجدل عن حقيقة تلك الأسماء التي أمست ساطعة في عالمنا العربي قد دلف إلينا من باب التجارة وحدها، فبعض المتنافسين استخدموا بوابة الدين، التي لا نسامح ولا نهادن فيها، ليُطلقوا إشاعات ضد منافسيهم . ويُسلم بعضنا بصحة تلك الادعاءات بدون أن نكلف أنفسنا عناء البحث والتقصي، أو تفعيل قول الله تعالي في سورة الحجرات: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين). بالطبع من حق أي فئة من الناس أن يُعلنوا مقاطعتهم لأي مُنتج بناء على مُعطيات منطقية يقتنعون بها ويقنعون معهم بقية الناس.وقد احتج البعض في المملكة أخيراً من إعلان بعض شركات المُنتجات الغازية رفع أسعارها وقاموا بحملة لمقاطعة تلك المُنتجات. وأرى في هذا حقاً مطلقاً وتفعيلاً لدور المجتمع تجاه مختلف القضايا، وهو ما يقودنا إلى المطالبة بتفعيل نظام المؤسسات المدنية في المجتمع. لكن يجب أن تكون مثل تلك المطالبات والحملات قائمة على العقل والمنطق ولا تعتمد على الإشاعات التي لا تستند إلى منطق أو حقيقة قائمة.