شاءت حكمة الله عز وجل أن يكون دين الإسلام دينا عالميا، وأن تكون هذه الأرض مكان ولادته، ونقطة انتشاره، وأن يكون أهل هذه البلاد وعلى رأسهم قادتهم حماته وحرّاسه إلى أن تقوم الساعة، وعندما اختارت مجلة فوربس الأمريكية شخصياتها اختارت شخصيات عالمية لها دور بارز وفاعل في تغيير الحراك العالمي في اتجاهات معينة، تحقق نتائج إيجابية واسعة الصدى، عميقة الأثر، وليس غريبا أن يكون خادم الحرمين الشريفين ضمن العشرة الأول في هذا التصنيف وهو الذي استطاع أن يكون ملكا متوافقا مع عالمية دينه،ممثلا ساميا لسماحته وعظمته، فمنذ الأيام الأولى لعهده وهو يبحث ويعزز المعطيات السياسية التي تحد من الصراع على المستويين الإقليمي والعالمي، كما أكّد سنة الحوار الحر الذي يجمع الأطياف المختلفة ويقرّب وجهات نظرها بأفق واسع، وثقافة واعية عصرية، أنهت كثيرا من الصراعات، وأعادت الاطمئنان والحب لقلوب مزقتها السياسة، وفرّقت بينها الفتن، وانعكست على أسلوب بحث القضايا، وتناول المشكلات، ووضع فرضيات الحلول في زمن عصيب قاس تعيش فيه الأمم والإسلامية -خاصة- حركات واتجاهات متصارعة أسمى أهدافها أن تمزّق إحداهما الأخرى تحت مسميات وشعارات ومبادئ لا أصل لها ولا هدف، ولم يضف انتقال كثير من السياسيين من بيئة جغرافية إلى بيئة جغرافية أخرى على القضايا غير التعقيد، وعلى الجراح غير الألم، وعلى الدماء غير النزف، حيث غاب عنهم ما اختصره خادم الحرمين الشريفين بحكمته وعقلانيته، حيث توصّل إلى ما نحن فعلا بحاجة إليه، وهو انتقال الفكر من حالة الجمود والتوقف إلى حالة الانتقال والحركة الحرة التي تُشعر الجميع بمسؤوليتهم عن النجاح والفشل، ومحاسبتهم على التقدم والرقي، والتقهقر والتخلف، وتربط السبب بالنتيجة وتحدد العلاقة بينهما بوضوح وشفافية، ويمكن القول بأن خادم الحرمين الشريفين استطاع أن يحلل الواقع، وينقد حركته في جميع اتجاهاتها، ويرسم تصورا جديدا من واقع عمل إنساني إسلامي ظهرت نتائجه وتحققت محليا وإقليميا وعالميا وجاءت الشهادة على عالميته وحكمته من خارج الحدود. العقلية المنهجية هي العقلية التي تحلل المشكلة، وترفض العنف الفكري، والانغلاق الثقافي، وتقبل الخطأ كما تقبل الصواب، تتأمل المضمون وتخلط المركبين الفكريين، فيكون الناتج مركبا جديدا تبقى فيه خلاصة التجربة العقلية الواعية، وتتغير طبيعة العناصر، وتتآلف الذرات، وتُعاد صيغة العلاقة بين الجزيئات.