لا يخفى على العالم أجمع عِظم الجهود التي بذلتها المملكة العربية السعودية في مواجهة جائحة كورونا بكافة المجالات الصحية والتعليمية والاقتصادية، وذلك بتكاتف جميع قطاعات الدولة لإدارة هذه الأزمة باحترافية وبأقل الأضرار، وقد تصدرت السعودية الدول العربية وحققت المركز ال17 عالميًا في مواجهة جائحة كورونا على صعيد الأمان الصحي وفعالية الوقاية والرعاية. وقد أثبتت معظم أجهزة الدولة كفاءتها وقدرتها على مواجهة الأزمات ومنها وزارة التعليم، والتي خاضت تحديًا كبيرًا واتخذت بُعدًا دراسيًا جديدًا بإقرار التعليم "عن بُعد" وعبر "منصة مدرستي"حرصًا على أرواح أبناء الوطن من فتك هذا الوباء الخبيث المُترصّد لأي اجتماعات بشرية. وحقَّقت المنظومة التعليمية نجاحها واكتمالها ودورها الهام على الوجه الأكمل وذلك باستنادها على عدة محاور أساسية على رأسها المعلم/المعلمة وبرز دورهم الكبير في إطلاق عجلة العملية التعليمية الجديدة بقوة، وتنفيذ خططها وفقًا للتكنولوجيا الحديثة، فصدحت أصواتهم داخل المنازل وهم يؤدون مهامهم السامية بحرص ودقة وانضباط وبشكل يدعو للفخر والاعتزاز. وقريبًا سيعود الطلاب والطالبات حضوريًا إلى المدارس باستثناء المرحلة الأهم تأسيسيًا وهي المرحلة الابتدائية والتي ستستمر بالتعليم "عن بُعد" مؤقتًا والذي يُعد قرارًا صائبًا حفاظًا على هذه الفئة العمرية الصغيرة من تداعيات الجائحة وتحوّرها. ولن تكتمل المنظومة التعليمية بوجود الطالب والمعلم والمنصة التعليمية فقط بل إنَّ هناك ضلعًا رابعًا خفيًا لا يقل أهمية عنهم في نجاح التعليم اليوم، هنا لا بد من الإشارة والإشادة بالجندي الخفي وراء نجاح هذا الجيش المستقبلي الصغير من أبنائنا وبناتنا، وتسليط الضوء على تلك الأم العظيمة التي تقف خلف شاشة الجهاز كالجبل الصارم مُتيّقظة لمواعيد الحصص الافتراضية ولا تكتفي بمتابعة ابنها/ ابنتها أثناء استخدامهم لمنصة مدرستي بل تجاوزت ذلك إلى شرح كامل المواد والمساعدة بفك صعوبات الواجبات المنزلية وتهيئتهم للأجواء التعليمية المختلفة، حتى تحوَّلت معظم البيوت إلى فصول مُصغَّرة مُجهزة بكامل أساسيات العملية التعليمية الجديدة، بالإضافة إلى دور الأب المُكمّل والمشارك لها في هذه المنظومة التعليمية الأسرية الفريدة. الأم هي ذلك المُحارب الخفي الذي يقف خلف الجيش لحمايته، مُجهَزًا بكافة الأسلحة والذخائر لمواجهة أي عقبات، ويقع على عاتقها أعظم الجهد دون انتظار مقابل لما تقدِّمه من خدمات تعليمية، تربوية، إشرافية مجانية، فحبذا لو تم تخصيص لكل سيدة سعودية "غير موظفة" مكافأة شهرية بسيطة تسعدها وتشعرها بتقدير المجتمع لدورها التعليمي والتربوي العظيم. فاليوم أثبتت المرأة السعودية -سواء أكانت عاملة أو غير عاملة- قوتها في مواجهة الأزمات وقدرتها على مواكبة التغيرات وصلابتها أمام أحلك المواقف لتخبر العالم أجمع أنها مختلفة بكينونتها وقوتها وقدراتها الازدواجية الفائقة أمام كل التحديات.