فيما كان علم أحمر عليه رسم منجل ومطرقة يرفرف في سماء بكين في ساعة مبكرة من صباح الخميس، كانت الرسالة واضحة: الحزب الشيوعي الذي يحيي ذكرى مرور مئة عام على تأسيسه مصمم على الاستمرار في حكم الصين بمفرده. في ساحة تيان أنمين الضخمة في العاصمة، كان عشرات آلاف الأشخاص الذين اختيروا بعناية، يطلقون الهتافات وينشدون الأغاني ويلوحون بالأعلام. وفي إطار مراسم إحياء الذكرى المئوية للحزب نُقل الحشود في حافلات ليلا وخضعوا لإجراءات تفتيش دقيقة وفحوص صحية. ولم يترك المنظمون مجالا لتعرقل أي صدفة عروض تمجيد نجاحات الحزب الحاكم، وعززوا التدابير الأمنية في أنحاء المدينة ونسقوا بعناية حركة الحشود. وقال الطالب الجامعي لي لوهاو البالغ 19 عاما والمشارك في الاحتفالات "لم أنم الليلة الماضية" موضحا بأنه كان يشارك في التحضيرات خلال الليل. وأضاف "أشعر بالحماسة (...) فالمشاركة في مثل هذه النشاطات شرف". وبعد مراسم رفع العلم، حلقت مروحيات في تشكلية رسمت الرقم 100 في السماء، تلتها طائرات مقاتلة وطلعات بهلوانية تركت وراءها لوحات ملونة في سماء العاصمة الصينية. ويمثل الحدث فرصة للحزب الشيوعي لاستعراض إنجازاته منذ تأسيسه سرا في تموز/يوليو 1921 في شنغهاي، متجاهلا عشرات الملايين من ضحايا النظام ومنهم الذين سقطوا في القمع الدموي لتظاهرات مطالبة بالديموقراطية في الساحة نفسها قبل ثلاثة عقود. ولم يتم تنظيم عرض عسكري كما يحدث في في معظم المناسبات الكبرى في الصين. لكن جرت مراسم رفع العلم التي تضمنت أيضا مئة طلقة مدفعية ووعود بتعزيز الجيش وجعله قوة عسكرية لا يستهان بها في العالم. "شرف كبير" عندما اعتلى الرئيس الصيني شي جينبيغ المنصة، تعهد بألا تسمح الصين مجددا لنفسها على الإطلاق أن تُضطهد من دول أخرى. بل أكد أن قوة الحزب ضرورية "للتجديد العظيم للأمة الصينية" ومنها تحقيق الوحدة مع تايوان، الجزيرة التي أعلنت حكما ذاتيا وتعتبرها الصين جزءا من أراضيها، و"الاستقرار" في هونغ كونغ، المركز المالي المهم في جنوب البلاد. وقال شي "لا ينبغي أن يستخف أحد بعزم الشعب الصيني وإرادته الثابتة وقدرته القوية في الدفاع عن السيادة الوطنية ووحدة الأرض"، مؤكدا أن "عهد التنمر على الصين ولى إلى الأبد". وصفق الحاضرون وقوفا غير مكترثين بأولى قطرات مطر، وعلت هتافاتهم تأييدا تحت صورة عملاقة لماو تسي تونغ. وكان شي يرتدي سترة "على طراز ماو" وويتوسط مسؤولين بارزين. وختم كلمته قائلا "عاش الحزب الشيوعي الصيني العظيم والمجيد والصالح. عاش الشعب العظيم والمجيد والبطولي". في الوقت نفسه كانت الفرقة الموسيقية تعزف نشيد "الأممية" الاشتراكي وتُطلق مئة ألف حمامة بيضاء في السماء. وقال عضو في الحزب يبلغ من العمر 25 عاما طالبا عدم الكشف عن اسمه، لوكالة فرانس برس إنه يشعر بسعادة غامرة لمشاركته في المراسم. وأضاف "شرف كبير لي أن أعيش في مثل هذه الحقبة". وصيف 1921 أسس ماو ومجموعة من المفكرين الماركسيين اللينينيين في شنغهاي الحزب الذي تحول منذ ذلك الحين إلى واحدة من أقوى المنظمات السياسية في العالم. ويضم الحزب الشيوعي الصيني 95 مليون عضو. وهو يعد ثاني أكبر حزب في العالم بعد حزب الشعب الهندي (بهاراتيا جاناتا) القومي الهندوسي الذي يقوده رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ويضم 180 مليون عضو.