. "الشغف" ليس مصطلحاً جديداً، لكنني أجزم أن أحداً لم يبث فيه الروح، ويوظفه في مكانه الصحيح مثلما فعل سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في لقائه المتلفز الأخير، حين أعاد لهذه المفردة قيمتها ووهجها ومعانيها العميقة. . الشغف في أبسط تعاريفه هو (الحب) لكنه ليس أي حب، بل هو الحب الذي لا يوقفه ولا يحده مالٌ أو وقت، فالشغوف هو العاشق الذي يكون على استعداد لمواجهة أي صعوبات أو تحديات أو معيقات في سبيل تحقيق شغفه بكل ترحاب، ويمكن القول إن مايجمع بين معظم الناجحين والبارزين -إن لم يكن جميعهم- هو شغفهم بمجالاتهم التي برزوا فيها سواء في العلوم أو الهندسة أو الطب أو حتى في الرياضة والفنون. . يقول سمو ولي العهد : "من لا يملك الشغف من الصعب أن يحقق أهدافاً أو تطلعات كبيرة" وهذا صحيح، فالشغف هو الوقود الذي لا ينضب، والمحرك الذي يدفعك للعمل بكل طاقتك لتحقيق أهدافك، والمُسكّن الذي لا تشعر معه بآلام أو متاعب طريق نجاحك. وأستطيع القول دون تردد أن سبب فشل الكثير من المشاريع هو افتقاد أصحابها لهذا الوقود المهم. . سرني كثيراً أن يتداول الشباب مصطلح "الشغف"على نطاق واسع بعد حديث سموه، وتلك سمة القادة المؤثرين الذين يدفعون شعوبهم نحو آفاق وتطلعات جديدة، فقد رفعت كلمات سموه المختصرة والعميقة من طموح الشباب، وأضاءت لهم الطريق، ففهموا انه -أيده الله - يريد أن يقول لهم باختصار:" لا تؤدِ عملك كموظف تقليدي، ولكن مارسه كجندي محب لوطنه، أو صانع عاشق لصنعته، أو كفنان هائم في فنه.. فالنجاح الحقيقي ليس في حصولك على أرقى المناصب كأن تكون مسئولاً كبيراً أو حتى وزيراً، بل في أن تمتلك القدرة على التأثير في أي عمل تقوم به -وإن كان متواضعاً- وهذا يتطلب أن تملك الشغف والدافعية لتخرج أفضل ما لديك. . معرفة شغفك في الحياة هي الخطوة الأولى لبناء حياتك.. ولعلك الآن وبعد أن وصلت الى هذا الجزء من متن المقال تتساءل: "وكيف أعرف شغفي؟، فالميول كثيرة والشغف غير الميول؟!. حسناً.. الأمر ليس صعباً فكل ما يجب عليك عمله هو أن تسأل نفسك ثلاثة أسئلة مهمة، وتجيب عليها بكل صدق 1- ما هو الشيء الذي تعمله دون أن تشعر بالوقت ولا بالتعب؟. 2- ماهو الشيء الذي تعمله دون أن تبالي بخسارة المال من أجله؟!. 3- ما هو العمل الذي تغضب وتحزن عندما لا تستطيع فعله؟. العمل الذي تنطبق عليه الأسئلة الثلاثة السابقة هو شغفك الحقيقي في الحياة، وهو المجال الذي تستطيع أن تصل فيه الى مناطق أبعد بكثير من التي قد يصلها الآخرون. . كان الأديب البريطاني (روديارد كبلنج) يقول: "إن لم تحصل على ما تريد، فهذه إما علامة أنك لم تكن تُريده بجدية، أو أنك حاولت المساومة على الثمن".. لا تساوم على شغفك في الحياة.. ابحث عنه بجدية ، ثم اعمل عليه بنفس الجدية كي تكون من المتميزين.