الكتابة عن الروائي والقاص السعودي عبدالرحمن المنيف بحاجة إلى توخي الحذر، والقراءة في أدب المنيف فعل غير منتهٍ، أي إننا في عالم بلا حدود أو لنقول عالم بلا خرائط كما كتب هو وصديقه جبرا إبراهيم جبرا.. فعبدالرحمن المنيف لم يكن روائيًا فحسب بل كان قاصًا وفنانًا تشكيليًا وقبل ذلك خبير بترول أي انه متعدد المواهب وقد سرد تاريخ الجزيرة العربية في خماسيته الشهيرة المسماة (مدن الملح) أضف إلى ذلك أن كتاباته محملة بهاجس الأمكنة والشخوص إضافة إلى خبرته في الحياة فهو لم يكتب إلا بعد الأربعين وافتتح مشروعه وإنتاجه الروائي الضخم برواية الأشجار واغتيال مرزوق. عالم عبدالرحمن المنيف الروائي والسردي معقد للغاية فقد كتب الرواية السياسية بشتى أشكالها وكان له السبق في كتابة أدب السجون في رواية شرق المتوسط أضف إلى ذلك كله تأثره بالأحداث السياسية التي كانت تحيط به فلم يكن يكتب بمعزل عن العالم الخارجي المحيط به وكان عمله خبير بترول في الشركة السورية في البداية قبل دخوله العمل الصحفي. كل هذه التجارب والظروف أضافت على أدب وروايات المنيف طابعًا خاصًا يجعله في مقدمة الروائيين العرب ولا يسبقه في ذلك سوى عميد الرواية العربية نجيب محفوظ فقد كان من أفضل الأدباء العرب وكان يملك عالمًا سرديًا مميزًا ولغة جميلة كانت تميزه عن بقية الروائيين العرب فهو عربي نشأ بعمان في بلاد الشام وله جذور تضرب في أعماق نجد حيث عيون الجواء بقصيبا ووالده كان من تجار العقيلات يعمل في التجارة وبخاصة تجارة المواشي والمواد الغذائية ومنه تعلم أن البدوي لا قرار له في هذه الأرض أي أنه بدوي والترحال عنصر في تكوينه. رسم عبدالرحمن المنيف شخصيات كثيرة كان لها دور في رواياته كمتعب الهذال وصبحي المحملجي وغيرهما من الشخصيات التي عشنا معها أجمل روايات عبدالرحمن المنيف.