ما أن يرتقي القادم من مكة قمم جبال الهدا حتى يرى على يساره "دكة الحلواني"، تلك الشرفة المطلة على مكة وضواحيها. تلك الدكة كانت مطلا للملوك، وشهدت زيارات عددا من الرؤساء البازرين. وكانت دكة حلواني بمثابة قصر للمؤتمرات في الستينيات والسبعينيات، حيث شهدت اجتماعات ملوك السعودية مع زعماء دول عديدة، وهي تتربع على جبال الهدا لترسم بتشكلاتها الصخرية المتراصة بطريقة فنية هندسية لوحة جمالية وتراثية مميزة. فقد شهدت العديد من الاجتماعات التي كان لها أثر بالغ في مسيرة المملكة الحضارية، كما كانت منتجعًا للملوك الراحلين، عليهم رحمات الله: سعود، فيصل، وخالد، ومركزًا لإدارةِ الدولة. تلك الدكة، أنشأها عبدالوهاب حلواني، وكان من أعلام الطائف والمسؤول عن شؤون الملك عبدالعزيز فيها. فقدم دكات لراحة المسافرين على طريق درب الجمالة، ولكن لم يبق منها غير هذه الدكة التي سميت باسمه "دكة حلواني"، والتي كانت مرصدا فلكيا لرصد هلال رمضان والحج، وكادت تتحول لمطار إلا أن التيارات الهوائية أعاقت ذلك. ومازالت دكة الحلواني مكانا مميزا لرصد لحظات غروب الشمس ورؤية طريق الكر بشكله الحلزوني المضاء، كما تبدو منها ساعة مكة كالقبس عندما تصفو السماء، لتظهر منها الساعة ليلا في جمال أخاذ. وللفنانيبن التشكيليين وقفات ممبزة على الدكة، حيث تلهم الكثيرين منهم مشاهد الجبال وهي تعانق الغمام، ولازالت تشهد أعدادا من المتنزهين صيفا ليستمتعوا بموقعها الساحر، وإطلالته الفريدة على مكةالمكرمة، حيث يشعر المصطافون هناك، وكأنهم يعانقون السحاب.