في وقت تكافح فيه الهند موجة ثانية من فيروس كورونا المستجد هي الأشد عالميا، يرى خبراء أن عدد الوفيات الحقيقي في الدولة الآسيوية أعلى بكثير من الأرقام الرسمية المعلنة. وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز"، فإن الأرقام القياسية التي تسجلها الهند في الإصابات والوفيات المرتبطة بكوفيد-19، لا تمثل سوى جزء بسيط من المدى الحقيقي لانتشار الفيروس، الذي دفع هذا البلد إلى حالة الطوارئ القصوى. وأعلنت الهند، تسجيل 350 ألف إصابة جديدة بفيروس كورونا خلال 24 ساعة في رقم قياسي عالمي، بينما قررت السلطات المحلية تمديد إجراءات العزل في العاصمة نيودلهي لمدة أسبوع واحد. يقول محللون إن السياسيين المتوترين ومديري المستشفيات يقللون من أعداد الوفيات، بينما تخفي العائلات المفجوعة روابط كوفيد أيضا بدافع العار، مما يزيد من الارتباك في هذه الدولة الهائلة التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة. وبحسب منظمة الصحة العالمية، يجب تسجيل حالة الوفاة على أنها مرتبطة بكوفيد-19 إذا افترض أن المرض تسبب فيها أو ساهم فيها، حتى لو كان الشخص يعاني من حالة طبية أخرى موجودة مسبقا مثل السرطان. وكان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أكد دعم الولاياتالمتحدة للهند في حربها ضد الوباء. وكتب بلينكن عبر تويتر: "قلوبنا مع الشعب الهندي في خضم التفشي المروع لكوفيد-19. نحن نعمل عن كثب مع شركائنا في الحكومة الهندية، وسننشر بسرعة دعما إضافيا لشعب الهند وأبطال الرعاية الصحية في الهند". ويشعر الأطباء بالقلق من أن الارتفاع المفاجئ في الإصابات بالفيروس التاجي كان مدفوعا بظهور متغير فيروسي يُعرف باسم "المتحور المزدوج" B.1.617، لأنه يحتوي على طفرات جينية موجودة في نسختين أخريين من فيروس كورونا يصعب السيطرة عليهما. توجد إحدى الطفرات في النوع شديد العدوى الذي انتشر في كاليفورنيا في وقت سابق من هذا العام، والطفرة الأخرى مشابهة لتلك الموجودة في السلاسة الجنوب أفريقية ويعتقد أنها تجعل الفيروس أكثر مقاومة للقاحات. الهند تتعرض لموجة فتاكة من الوباء مع وجود المتحور المزدوج ومع ذلك، يحذر العلماء من أنه من السابق لأوانه معرفة مدى ضرر الشكل الجديد الناشئ في الهند حقا. وتسجل الهند ما يقرب من نصف جميع الحالات الجديدة الموجودة في العالم، حيث تبلغ الحكومة عن أكثر من 300 ألف إصابة جديدة يوميا وهو رقم قياسي عالمي. في إحدى مناطق حرق الجثث الكبيرة بمدينة أحمد أباد، وهي مدينة تقع في ولاية غوجارات غرب الهند، تضيء الحرائق سماء الليل المظلم، وتشتعل على مدار اليوم دون توقف. قال سوريش بهاي، الذي يعمل في حرق الجثث هناك، إنه لم ير قط مثل هذه الأعداد التي لا تنتهي، مشيرا إلى أنه لم يكتب سبب الوفاة هو كوفيد-19 في شهادات الوفاة التي تمنح لعائلات الضحايا. قال سوريش: "مرض، مرض، مرض. هذا ما نكتبه". وعندما سئل عن السبب، قال إن هذا هو ما أوعز إليه رؤساؤه الذين لم يستجيبوا لطلبات التعليق. في منتصف أبريل، تثبتت إصابة روبال ثكار، 48 عاما، بفيروس كورونا، وبعد يوم واحد أدخلت لمستشفى شالبي الخاص بمدينة أحمد آباد، لكن مستوى الأوكسجين انخفض فجأة قبل أن تتوفى لاحقا. وأدرج المستشفى سبب وفاتها على أنها "سكتة قلبية مفاجئة"، الأمر الذي أثار غضب عائلة ثكار. قال شقيقها الأصغر ديبان ثكار للصحيفة الأميركية: "لقد كانت صدمة مدى الحياة. لماذا يتواطأ مستشفى خاص مع الحكومة في إخفاء أعداد الوفيات الحقيقية؟ إنها جريمة منظمة وعمل غير قانوني". في بوبال، وهي مدينة كبيرة وسط الهند شهدت انفجارا لمصنع مبيدات في الثمانينات أودى بحياة الآلاف بعد تسرب غازات سامة، يقول السكان إن مناطق حرق الجثث لم تكن مزدحمة منذ تلك الكارثة. على مدار 13 يوما في أبريل، أبلغ مسؤولو بوبال عن 41 حالة وفاة مرتبطة بالوباء، لكن مسحا أجرته صحيفة "نيويرك تايمز" حول مناطق حرق الجثث والدفن الرئيسية في المدينة، حيث يتم التعامل مع الجثث بموجب بروتوكولات صارمة، كشف ما مجموعه أكثر من 1000 حالة وفاة خلال الفترة ذاتها. قال الدكتور ج.س. غوتام، طبيب قلب في بوبال إن المسؤولين يفعلون ذلك لأنهم "لا يريدون إثارة الذعر". ضاعفت شركة "بهارات بيونتيك"، التي تصنع لقاح محلي مضاد لفيروس كورونا في الهند، أسعار جرعاتها المخصصة للمستشفيات الخاصة مقارنة بالأسعار التي تفرضها على المستشفيات الحكومية. وقالت "بهارات بيونتيك" في بيان على تويتر، السبت، إن الشركة ستبيع جرعة لقاح "كوفاكسين" مقابل 600 روبية (8 دولارات) لحكومات الولايات و1200 روبية (16 دولارا) للمستشفيات الخاصة. في مارس الماضي، أظهرت نتائج التجارب السريرية الثالثة للقاح كوفاكسين، المصنع بدعم حكومي، أنه فعّال بنسبة 81 في المئة. وتفوق أسعار جرعات كوفاكسين، لقاح أوكسفورد-أسترازينيكا المعروف في الهند باسم "كوفيشيلد"، إذ أن الأخير يباع للمسستشفيات الحكومية ب 400 روبية، مقابل 600 روبية للمستشفيات الخاصة. قالت بهارات بيونتيك "إن استرداد التكلفة أمر ضروري في رحلة الابتكار نحو لقاحات أخرى"، مضيفة أن لقاح كوفاكسين عالي النقاء ما يجعل التصنيع باهظ التكلفة.