يتبادر سؤال إلى الذهن: هل هناك آباء أو أمهات لا يهتمون ولا يقلقون على أبنائهم؟ الجواب: لا، فالقلق والخوف على الأبناء والاهتمام بهم يشعر به كل أب وأم، وخصوصًا في هذا الزمن الذي كثرت فيه وسائل الانحراف فالقلق والخوف على الأبناء أمر طبيعي؛ بل هو أمر محمود فهو دافع للمتابعة والتربية؛ إلا إذا ازداد هذا الخوف وأصبح يشكل اضطرابًا نفسيًا، وهمًا لازمًا؛ فإن هذا القلق يكون مرضًا وينعكس سلبًا على حياة الطفل، فيكون الطفل محاطًا دائمًا بكلمات الرفض والمنع والتقييد، وتلقي الأوامر والنواهي فيعيش الطفل حالة من الخوف والرعب تمنعه من الإقدام والمغامرة والانطلاق في الحياة بشجاعة وجرأة، وتحقيق رغباته وطموحاته واكتشاف أخطائه بنفسه مما يؤثر ذلك في نموه التربوي والسلوكي فالوالدان هما المسؤولان الرئيسان عن أبنائهم فمن أجل بناء طفل سليم قادر على مواجهة الحياة يتحتم على الوالدين معرفة قدرات أبنائهم، وإتاحة المجال لهم في مواجهة مشكلاتهم بأنفسهم، وإعطائهم الفرصة لاكتشاف الحلول لها؛ فلن يكون الطفل قادرًا على التغلب على صعوبات الحياة إلا بعد أن يكون معتمدًا على الله أولًا ثم على نفسه وإلا سيكون الطفل اتكاليًا ضعيفًا غير قادر على تحمل المسؤولية.. إننا بحاجة للتحرر من الخوف الزائد غير المنطقي، والتعامل مع الأبناء بواقعية، وإعطائهم الثقة في مواجهة الحياة، فنحن مسؤولون عن تقديم أفضل الاختيارات لأبنائنا، وملاحظاتنا لهم ومعرفة سلوكهم، وقدراتهم الصحية والعقلية، وعلاقتهم مع الآخرين. إن هنالك وسائل كثيرة للتحقق من صحة شكوك الأب دون أن يترك أثرًا نفسيًا سلبيًا على ابنه، اجلس معه وحاوره ودعه يبوح بما يجول في خاطره عندها تدرك هل شكوكك صحيحة أم لا؟ حاول أن تعيش مشكلاته وتبحث له عن حل لمشكلاته التي يواجهها فقد يكون سبب اخفاقه الدراسي عدم توفر الجو المناسب في المنزل، هيئ له الجو المناسب، أو أنه ليس لديه الوقت في التحضير والمذاكرة، أزل كل العقبات التي يواجهها، كن متفاعلًا مع كلامه وقضاياه وتعامل بجد وصدق مع كل همومه وطموحه وإن كانت تبدو في نظرك أنها قضايا هامشية، تجنب إلقاء التهم أو الأسئلة الشكية، ولتكن أسئلتك أكثر لباقة ووضوحًا حتى تكتشف الحقيقة.