كتبت مقالا بتاريخ 2020/3/5 بعنوان «الأنفلونزا والمساجد» دعوت فيه إلى تطبيق السنة بعدم حضور مصاب الأنفلونزا إلى المسجد بمجرد شعوره بأي عرض من أعراضها إلى أن يشفى منها، وإن حضوره وهو مصاب بها جريمة صحية لأنه ينشر المرض، وبعض الجهلة بأحكام الشرع نال مني بسبب هذه المقالة كما كنت -تقريبًا- أول من دعا إلى تطبيق عقوبات في بداية جائحة كورونا كحل للعودة للحياة الطبيعية وهذا موثق في صحيفة «المدينة» تحت عنوان «العقوبات وتهيئة المستشفيات هما الحل» وعندما كان التوجيه بإغلاق المساجد بما في ذلك المسجد الحرام والمسجد النبوي اعتبرت شخصيًا ذلك قرارًا حكيمًا لمصلحة المجتمع والصحة وبعد عودة الحياة تدريجيًا إلى طبيعتها شمل ذلك أشياء كثيرة ومنها المساجد فعاد فتح أبوابها وعاد المصلون وفقًا للالتزام بالاحترازات الوقائية والتوجهات الصحية وخلال ذلك وإلى الآن أثبتت المساجد التزامها الجاد بالتوجيهات في الوقت الذي أخفق غيرها ولم يلتزم الالتزام الجاد فتجدها -أي المساجد- والمصلين الأكثر انضباطًا بالتباعد والأكثر التزامًا بالكمامة وإحضار السجادة وبعدم المصافحة ولَم يكن هناك أي مسجد استخدم فيه المصلون ومرتادو المساجد القراءة من القرآن الكريم مباشرة إنما كل شخص يقرأ من جواله ولذلك أثبتت التجربة أن المساجد التزمت بما وجهت به وزارة الصحة ولذلك كان القرار الصائب بإبقاء الصلاة في المساجد مع تحديد أكثر لأوقات الإقامة وخطب يوم الجمعة، وهذا الانضباط قد يعود الى أن من يرتاد المساجد تقيدوا بتوجيه وزارتي الصحة والشؤون الإسلامية وفعلوا الدور التوعوي والمتابعة والحرص ومحاسبة كل من لا يلتزم إما من الإمام أو المؤذن وأحيانًا من المصلين، بل الأمر أبعد من ذلك، صليت ذات يوم خلف إمام عند بداية الصلاة يقول: «ساووا صفوفكم لو سمحتم، ضعوا الكمامات على الأنف وليس على الفم فقط» ورأيت رجلًا عجوزًا في أحد المساجد يدور على الصفوف ليرى من لا يضع كمامة على الأنف ليرشده أن يضع الكمامة بالطريقة الصحيحة على الأنف وليس على الفم فقط ، فروح الحرص والمحافظة على تطبيق الاحترازات الوقائية بدقة في المساجد كان ظاهرًا ولعل ذلك تحقق بسبب روح الإيمان والالتزام بطاعة ولي الأمر تعبدًا لله. بينما قابله شيء من الفوضى في بعض الجهات مما قد يكون تسبب عنه احتمالية زيادة عودة انتشار الفيروس خاصة الاستهتار بالمصافحة وحبة الخشوم عند الرجال والمصافحة والبوس والضم لدى السيدات في المناسبات وازدحام المولات والمطاعم والحفلات، وكنت يومًا في منتزه كبير ومشهور لتناول طعام العشاء وكان المطعم مزدحمًا وأراد النادل أن يحضر كراسي إضافية ووضع طاولة إضافية لصيقة لنا فرفضت وبالقوة استجابوا لنا. بقي أن أقول لمزيد من الحرص لدى المساجد حبذا أن تضع عند أبوابها وفِي الداخل علب السوائل المعقمة كما أتمنى أن يلجأ أئمة المساجد خاصة الحرمين الشريفين بالدعاء بأن يرفع الله عنا وعن العالم هذا البلاء لأن في ذلك إظهارًا لعبودية العوز والحاجة والافتقار إلى الله وهو من السنن المهجورة.. حفظ الله الجميع من كل بلاء وداء.