بالتأكيد لم يكن هناك تنسيق بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وولي العهد البريطاني الأمير تشارلز، قبل مخاطبتهما العالم، وإعلان رؤيتهما لمستقبل البيئة!. والذي حدث أن الأول، وقف ليطرح من مدينة نيوم أمس الأول، مشروع مدينة «ذا لاين» في نيوم الذي يعد نموذجاً لما يمكن أن تكون عليه المجتمعات الحضرية مستقبلاً، ومخططًا يكفل إيجاد التوازن للعيش مع الطبيعة، فيما وقف الثاني أمس، لتدشين ميثاق جديد للاستدامة تدعمه بعض الشركات العالمية الكبرى. وفيما كان ولي العهد السعودي، يؤكد من خلال 4 أسئلة طرحها وأجاب عليها، أنه على مدى العصور بُنيت المدن من أجل حماية الإنسان بمساحات ضيقة، لكن وبعد الثورة الصناعية، بُنيت المدن لتضع الآلة والسيارة والمصنع قبل الإنسان، كان ولي العهد البريطاني، يذكر قادة الشركات العالمية بأن عليهم وضع الكوكب والبشر على رأس أولوياتهم. لقد جاءت الأسئلة الأربعة التي طرحها الأمير محمد وهي: «لماذا نقبل أن نضحي بالطبيعة في سبيل التنمية؟، ولماذا يُتوفى 7 ملايين إنسان سنوياً بسبب التلوث؟، ولماذا نفقد مليون إنسان سنوياً بسبب الحوادث المرورية؟، ولماذا نقبل أن تُهدر سنين من حياة الإنسان في التنقل»، لتعكس فلسفة عالمية جديدة، وترجمة عملية سريعة للتطبيق على الأرض، حيث تضم مدينة»ذا لاين» مجتمعات إدراكية مترابطة ومعززة بالذكاء الاصطناعي على امتداد 170 كلم، ضمن بيئة بلا ضوضاء أو تلوث، وخالية من المركبات والازدحام، واستجابة مباشرة لتحديات التوسع الحضري التي تعترض تقدم البشرية، مثل البنية التحتية المتهالكة، والتلوث البيئي، والزحف العمراني والسكاني. وعلى الطرف الآخر كان الأمير تشارلز يتحدث عن ميثاق «التيرا كارتا»، على غرار «الماجنا كارتا» القديم الذي حدد حقوق المواطنين منذ ثمانية قرون، يشتمل على قرابة 100 سلوك ينبغي على الشركات الموقعة انتهاجها من أجل مستقبل مستدام، قائلاً: «أتوجه بمناشدة عاجلة للقادة، من جميع القطاعات في جميع أنحاء العالم، ليدعموا هذه (التيرا كارتا) لوضع الازدهار في تناغم مع الطبيعة والناس والكوكب خلال العقد القادم». أمير في العقد السابع يتحدث عن قضايا بيئية استمرت لعقود، محذراً من أن الاحتباس الحراري والتغير المناخي يمثلان أكبر تهديدين على البشرية، وأمير في العقد الثالث، يبشر بمدينة مليونية بطول 170 كم، تحافظ على 95% من الطبيعة في أراضي نيوم، صفر سيارات، صفر شوارع، وصفر انبعاثات كربونية». أخيراً يقول تشارلز: «يمكنني فقط أن أشجع، وبشكل خاص، أولئك المنخرطين في الصناعة والتمويل لتقديم قيادة عملية لهذا المشروع المشترك، إذ إن لديهم القدرة على حشد الابتكار والنطاق والموارد المطلوبة لتحويل اقتصادنا العالمي»، فيما يتحدث الأمير محمد عن مفهوم التنمية الحضرية من خلال تطوير مجتمعات يكون الإنسان محورها الرئيسي، وذلك للمرة الأولى منذ أكثر من 150 عاماً، مما يعزز جودة الحياة، ويضمن الوصول إلى جميع مرافق الخدمات الأساسية، بما في ذلك المراكز الطبية، والمدارس، ومرافق الترفيه، بالإضافة إلى المساحات الخضراء، في غضون 5 دقائق سيراً على الأقدام، وستجعل حلول المواصلات فائقة السرعة التنقل أسهل؛ إذ من المتوقع ألا تستغرق أبعد رحلة في «ذا لاين» 20 دقيقة فقط، مما سيوفر معيشة قائمة على التوازن بين بيئة أعمال حاضنة للابتكار، وجودة حياة استثنائية للسكان.