مع الثورة التكنولوجية التي نعيشها والقدرة على الحصول على المعلومة في ثواني معدودة وانتشار المواقع الإلكترونية فقد أصبحت القراءة بالنسبة للبعض عبء فلم يعد البعض -وخصوصًا من الأجيال الناشئة- لديه القدرة أو الرغبة على قراءة أسطر معدودة فأصبح بينها وبين القراءة جفوة وأصبحت منشغلة عنها بمواقع التواصل الاجتماعية والقنوات الفضائية والألعاب الإلكترونية والتي قد يبقى عليها بعض الأفراد لساعات طوال في حين يعجز بعضهم أن يمسك كتاباً أو يقرأ نصاً من عدة أسطر لدقائق معدودة. القراءة هي رياضة للعقل فكما إننا نحافظ على أجسادنا ونعتني بلياقتها من خلال الأكل الصحي والتمارين فإننا نحافظ على قوة وصحة عقولنا من خلال القراءة التي تساهم في تنشيط وتقوية العقل وتحفيز الذهن وقد أثبتت بعض الأبحاث بأن القراءة من العوامل التي تساعد في الوقاية من مرض الزهايمر وتحمي من أعراض الشيخوخة وضعف الذاكرة كما تساهم القراءة في منح القارىء فرصة للخروج من ضغوطات الحياة اليومية والاندماج مع عالم جديد متنوع ومتعدد الإتجاهات كالروايات والقصص والأفكار العلمية والآراء والأطروحات والتاريخ وغيرها من الموسوعات العلمية والثقافية المختلفة والتي هي اليوم مجانية ويمكن لأي فرد الاستفادة منها وفي أي وقت. القراءة تزيد من الحصيلة اللغوية وتثري المفردات والمعاني بل وأحيانًا تساهم في تكوين شخصية الفرد وتطور خبرته، ومن يقرأ فهو يتصل بشكل غير مباشر بعقول بعض اولئك الكتاب من المبدعين والمفكرين والعظماء الذين قدموا للبشرية كنوزاً ضخمة من العلوم والمعرفة المختلفة لم تكن موجودة ولم يكن الكثير من البشر يعرف عنها، فقراءة الكتب ليست للتفاخر واقتناءها ليس لتزيين المكتبات أو التباهي بحيازتها بل بفهمها واستيعابها والاستفادة من مضمونها. على المستوى المحلي فقد أظهر استطلاع للرأي أجراه المركز الوطني لاستطلاعات الرأي العام التابع لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني قبل عامين حول اتجاهات السعوديين نحو قراءة الكتاب شارك في الاستطلاع 1008 سعوديين من عينة عشوائية من مختلف مناطق المملكة، وأظهر الاستطلاع أن الأشخاص الذين لديهم اهتمام بقراءة الكتب يقرؤون على فترات زمنية متباعدة بنسبة بلغت 53%، بينما 11% منهم فقط يقرؤون الكتب بشكل يومي، و21% يقرؤون بشكل أسبوعي، و14% بشكل شهري، بينما بلغ معدل قراءة الكتب خلال العام الماضي 5 كتب فأقل لدى أفراد العينة بنسبة بلغت 66%. بالرغم من انتشار (معارض الكتاب) وتطورها ومساهمتها الفعالة في التشجيع على القراءة وتعدد أندية القراءة وشبكات التواصل الاجتماعية وانتشار الكتب الملخصة والمسموعة إلا أن التركيز على الاهتمام بالقراءة كسلوك لا يزال يحتاج إلى المزيد من الجهد والعمل لتصبح القراءة رياضة منتشرة للعقل وليرتفع معدل القراءة في المجتمع وكذلك معدل قراءة الكتب سنويًا.