هذه واقعة حقيقية، ومُوثّقة بالصوت والصورة في مقطع فيديو يتداوله النّاس، وفيها يتحدّى شخصٌ ما بعضَ أطفالنا أن يعرفوا الشخصيات التي سيذكر أسماءهم في حضرتهم البهيّة، وهم يقبلون التحدّي ببراءة وحماس وجِدِّيَة!. ويبدأ الشخص بِذِكْر اسم «النِنِّي»، فيُجيبونه سريعاً إنّه المصري «محمّد النِنِّي» لاعب نادي أرسنال الإنجليزي، ثمّ يسألهم عن «كارفاخال» فيُجيبونه بأسرع من الإجابة الأولى أنّه «داني كارفاخال» لاعب دفاع نادي ريال مدريد الإسباني، ويسألهم عن «إيسكو» فيُجيبونه بأسرع من الإجابتيْن الأولى والثانية أنّه «فرانسيسكو سواريز» لاعب وسط نادي ريال مدريد ومعروف باسم «ايسكو»!. فما شاء الله عليهم، إنّهم موسوعة معلوماتية فريدة من نوعها عن لاعبي كرة القدم العالمية، وأنا رغم متابعتي الجيّدة لكرة القدم لم أكن لأُجِيب بنفس سرعتهم وصحّة وغزارة معلوماتهم!. لكن، وما أدراكم ما لكن؟ إذ عندما سألتهم عن «عمّار بن ياسر» يجيبون بعد «فرملة» مفاجئة لعجلة معلوماتهم، وتأخّر طويل في الإجابة وحيرة من السؤال وكأنّه سؤال في الفيزياء النووية، أنّه لاعب نادي الزمالك المصري لكرة القدم!. وهكذا جعلوا من الصحابي الجليل عمّار بن ياسر ابن أوّل شهيديْن في الإسلام، لاعب كرة قدم، فهل يُعقل هذا؟!، ومن المُلام في حصوله!؟ أعتقد أنّ مجتمعنا ككلّ مسؤول عنه، الأسرة والتعليم والإعلام، ولا تحصل التنشئة السليمة للأطفال إلّا بتعريف السيرة النبوية الشريفة لهم، والأدوار العظيمة التي أدّاها الصحابة خلال السيرة، ونقلوا لنا كتاب الله وسُنّة نبيّه المُطهّرة، ومن المعيب أن تنحرف بوصلة معرفة أطفالنا وتنحصر في أسماء لاعبين ليسوا قدوة إلّا في مجال لا يخدم التقدّم الحضاري بقدر ما يخدمه الدين والعقيدة والتراث الذين هم الأصل ويظلّ غيره فروعًا هشّة، ولا أقول هذا كي ينعزل أطفالنا عن الرياضة لكنّ الميزان مال كثيرًا لكفّتها عن كفّة تأسيس معرفتهم وفق منهج صحيح!. المطلوب هو ترسيخ السيرة النبوية الشريفة في حضرة أطفالنا كأساس معرفي متين.