كتبت في بداية ظهور فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) مقالا تحت عنوان «إنفلونزا عادية وليست كورونا» في صحيفة (المدينة) بتاريخ 14 رجب ذكّرت فيه الأطباء والمرضى بأن أعراض الاثنين متشابهة جدًا وكون هذه التجربة الأولى للفحص فإن أخذ الحذر من ذلك مطلوب والمعاملة الطبية والعلاجية لهما بينهما تباين.. لقد دخلنا الآن في بداية وقت الإنفلونزا الموسمية فالتذكير لا يزال يأخذ مكانه، وبحمد الله هناك الآن لقاح للإنفلونزا الموسمية وهناك إقبال عليه وإدبار لأن هناك من أخذه ونفعه وكان خفيفًا عليه واستفاد منه (وإن كان مدة الاستفادة فيها تباين بين الناس فمنهم أشهر ومنهم سنتين) وهناك من أخذه وأحس بآثار غير جيدة وهم القلة القليلة جدًا مما يدل على أن أخذه مفيد ووقائي وربما ذلك يعود إلى اختلاف النواحي الوراثية والمناعية. وإذا تجاوزنا ذلك إلى سؤال سألني إياه العديد من القراء وهو لماذا لا يوجد أي ذكر للإنفلونزا الموسمية ولَم يعد أحد يرعى لها بالا ولا حسبانًا؟ وهو سؤال في محله وفِي ظني أننا عندما نكون في جو الاهتمام كله منصب على كورونا فإن ذلك ينسينا ذكر الإنفلونزا كما أن هناك صفة مميزة لفيروس كورونا المستجد كوفيد 19 عن بقية الفيروسات وهي أن انتشاره سريع جدًا وبأضعاف مضاعفة عن بقية الفيروسات بما في ذلك فيروس الإنفلونزا وهذا يجعل من الاهتمام بموضوع الإنفلونزا العادية مهمل كما أن الأولى لدى كل مصاب بالأعراض المتشابهة أن يتحقق من أن ما أصابه لم يكن كورونا وذلك بضرورة الإسراع بعمل الفحص دون الالتفات إلى الإنفلونزا. نعود إلى إجابة اختفاء ذكر الإنفلونزا الموسمية والحقيقة أنها لم تختف وإن كانت نسبة إصابة الناس بها أقل بكثيرعن السنوات الماضية وفق الإحصاءات وهذا بديهي وطبيعي يكون، لأن كل المجتمعات في العالم في وضع وقائي واحترازي تحذيرًا واتقاءً من كورونا وبالتالي أفاد هذا الاحتراز وجيّر (ضم الجيم) لصالح أي أمراض تتصف بأنها معدية بما في ذلك الإنفلونزا من خلال تطبيق نظام الاحترازات الوقائية التي أهمها غسل اليدين المتكرر بالماء والصابون وعدم المصافحة والتباعد ولبس الكمامة وسن أنظمة للعقوبات، إن كل هذه الاحترازات الوقائية كان لها دور إيجابي وسبب مباشر لانحسار الإفلونزا الموسمية وفِي اعتقادي أن هذا هو العامل الرئيسي وقد تكون هناك عوامل أخرى لكن لن تكون بحجم الأخذ بالاحترازات ومن تلك العوامل: * دور وزارة الصحة في المتابعة الميدانية والتوعوية للأمراض المعدية والفيروسية ومواجهة حدث كورونا بالتخطيط السليم وفق تصور عالمي أفاد في انحسار الإنفلونزا. * إن المصابين بكورونا المستجد قد لا يصابون بالإنفلونزا الموسمية إلا ما ندر وذلك تخفيفًا من الله. * التوسع بالأخذ بأسباب الوقاية الصحية في المجتمع من تغذية ورياضة ونوم مبكر. * بدء انتشار استخدام اللقاح الخاص بالإنفلونزا الموسمية كوقاية. * انعدام السفر إلى الخارج وقلة التنقل بين المدن على المستوى المحلي والعالمي. * انعدام لقاء أفراد المجتمع طلابًا وطالبات وموظفين وموظفات وقلة الزيارة بين الأقارب والمناسبات الاجتماعية. * التوعية الصحية والدور الإعلامي والتناقل الخبري لأحداث كورونا زاد في أخذ الاحتياط. * عدم الرغبة في إجراء الفحص والذهاب للمستشفى خاصة إذا لم يكن هناك ضيق في التنفس. إن فيروس كورونا المستجد ابن عم فيروس الإنفلونزا الموسمية وبينهما تشابه كبير في الأعراض ففي حالة الإصابة والاشتباه لا قدر الله ليس لذلك من تفريق بينهما إلا بالفحص فإجراء الفحص يطمئن القلب فإن لم تشتد الأعراض إلى درجة ضيق التنفس فإن أمر الفيروس أيًا كان هذا أو ذاك ستمر بسلام باذن الله إما خفيفة كأن شيئا لم يكن أو شديدة تحتاج إلى الراحة والمتابعة الطبية والعلاجية.. حفظنا الله جميعًا من كورونا وابنة عمها الإنفلونزا.