خلق الله أبانا آدم -عليه السلام- وخلق من ضلعه أمنا حواء، وسخر لهما الأرض، وأنجبا الأبناء والبنات، حيث تزاوجوا من بعد ذلك وتكاثروا، ولو أن إرادة الله كانت في أن يخلقنا جميعًا دفعة واحدة، وفي يوم واحد لنفذت كلمته، فهو القادر الذي لا يعجزه شيء، لكن حكمته سبحانه اقتضت التفصيل لا الجملة، فكانت حكمة إلهية لخلق البشرية، فأوجد الله في الإنسان علاقة الاتصال التي تربط بين البشر، وهي ما تحتم الاستمرارية والبقاء على وجه الأرض والتكاثر. فمنذ ذلك الوقت، نشأت العلاقات الاجتماعية وزادت أهميتها مع ازدياد أعداد البشر، واكتساحهم الأرض وجعلها موطنًا لهم.. فمن طبيعة البشر أنهم اجتماعيون يسعون للاندماج، ولديهم الشغف في اكتشاف أشخاص جدد.. ويأتي دور الشخص في اختيار المحيطين به، وكيفية التعامل مع تلك العلاقات، والطرق المتبعة للحفاظ عليها واستمراريتها. ففي حياتك اليومية عند التقائك بأشخاص جدد حتى وإن كان لقاءً لحظيًا وانتهى بالانصراف، وافتقر للاستمرارية والتعارف، نجد هناك علاقة اتصال تمت، ثم سرعان ما أن انقطعت لعدم توفر جميع عوامل الاتصال. وتشير الأبحاث إلى أن هناك أربعة عوامل قوية للجذب والاتصال الشخصي تتمثل في: المظهر الشخصي، والقرب، والتشابه، والتكامل، فإذا وجدت تلك القوى بين شخصين تكونت بينهما رابطة اجتماعية قوية، ولا تنحصر العلاقات في زمان أو مكان، وأيضًا لا يمكن تحديد شكل العلاقة من البداية أو الجزم بنجاحها أو فشلها. يوجد علاقات حقيقية بدأت حين تشاطر شخصان وتبادلا الحوار في غرف الانتظار لموعد دكتور، أو عند انتظار استلام كوب من القهوة، أو أي مكان آخر وحظيت تلك العلاقة بالاستمرارية والتطور. فقابلية الأشخاص لبناء علاقة جديدة لا يحدها الزمان أو المكان، لأن البعض يفتقر للمرونة، أو قد يكون شعور الملل قد أستولى عليه، وبدأت عليه علامات الضجر، فلا يجد أماكن الانتظار قرار صائب لتكوين العلاقات، إنما مجرد دردشة إن وجد مفتاحًا لفتحها لتضيع وقت الانتظار، فتعتبر علاقة لحظية بالنسبة له تنتهي بمغادرته أروقة المكان، فعلينا أن نشرع أبواب قلوبنا، ونزين وجوهنا بابتسامة الرضا لأي علاقة قد تقابلنا في ساحة الحياة، فقد تولد قصة جديدة في حياتنا بالصدفة، ومن العدم، فالأخ الذي لم تلده نفس الأم، والصديق، والحبيب، وشريك الحياة كلها من تقدير الله.