أي بناء يتطلب حكمة ومهارة وصبر ووقت وإبداع وعزيمة وعمل كفريق واحد ورغبة في لم الشمل وتوحيد الصف والتغيير للأفضل أما الهدم والتدمير فقد يكون من الأمور السهلة والتي قد يجيدها أي شخص، وكثيراً ما يعمد دعاة الهدم والتدمير للتغيير للأسوأ ومحو وطمس الآمال والطموحات وإسقاط كل من لا يعجبهم أو يقف في صفهم ويؤيدهم والهيمنة والسيطرة والاستعلاء ولو على أنقاض الآخرين. دمرت بيروت خلال الحرب الأهلية اللبنانية والتي استمرت 15 عامًا 1975- 1990 واستغرق إعادة بنائها من جديد حوالي 15 عامًا أخرى وذلك بعد اتفاق الطائف الذي حرصت المملكة العربية السعودية على دعمه للم شمل البيت اللبناني بجميع طوائفه، ثم وفي غضون 15 ثانية تقريباً وقع الأسبوع الماضي ذلك الانفجار الضخم في ميناء بيروت فقتل ما لا يقل عن 160 شخصًا وخلف أكثر من 6 آلاف جريح وشرد أكثر من 300 ألف شخص ممن فقدوا منازلهم جراء ذلك الانفجار الذي مزق المدينة وتسبب في خسائر اقتصادية قدرت بمليارات الدولارات وأصبح نصف السكان تحت خط الفقر و35% بدون عمل واعتبرت «بيروت» في ثواني معدودة مدينة منكوبة. أثبتت الأحداث التي تمر بلبنان منذ عشرات السنين بأن لا جدوى من إجراء تحقيقات دولية لمعرفة أسباب حوادث التدمير والقتل والإرهاب التي تقع فيه وإن وصفت تلك التحقيقات بأنها محايدة وشفافة، فالخراب والدمار والهدم والتفجير والإرهاب هي مبادئ معروفة للمليشيات الإيرانية والتي تسيطر على لبنان منذ زمن طويل ولن يكون هناك سلام وأمان في لبنان مالم يكن هناك استئصال لسرطان تلك المليشيات الإرهابية المدعومة من إيران والمتمثلة في حزب اللات الذي تغلغل في مفاصل الدولة اللبنانية وأحكم سيطرته عليها وعاث فيها خرابًا وتدميرًا وإرهابًا وساهم في أن يخسر لبنان كل تأييد ومساندة ممن حوله من الدول العربية بعد أن حوله أولئك الإرهابيين إلى مركزًا لتصدير الإرهاب في المنطقة وخصوصًا لليمن وسوريا والعراق. المملكة العربية السعودية كعادتها فقد بادرت بالوقوف مع الأشقاء من الشعب اللبناني وقد وجه خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله- بتسيير جسر جوي من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية لتقديم المساعدات الأساسية للشعب اللبناني كما قام فرع المركز في بيروت بتوزيع السلال الغذائية على المتضررين. عاش اللبنانيون مع بداية هذا العام في أزمات متوالية سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية وزاد تلك المعاناة انتشار جائحة كورونا ثم جاء ذلك الانفجار المروع والذي جعل من مدينة بيروت مدينة أشباح مرعبة في وطن يتفشى فيه الفساد وتتراكم عليه الديون وتنهار فيه العملة الوطنية كما تنهار مؤسسات الدولة بسبب حزب الهدم والإرهاب المدعوم من إيران.