كم هو يثير الاستغراب ذلك المدرس البَقّال الذي لا يفارق يده دفتر الحساب بتاتاً، ممسكاً به طوال وقته فيزيد هذا وينقص ذاك، كأنه في (بقالة) يجرد فيها حسابات الزبائن! فمنذ أن تبدأ الحصة إلى أن تنتهي وهو يجول في الفصل، ذهاباً وإياباً لا يُريح ولا يستريح من طرح الأسئلة المباغتة إضافة إلى اصطياد الهفوات والزلات! يحسب أنه يحسن صنعاً! إن كان يظن أن في هذا مصلحة لطلابه، فقد خاب الظن! وإن كان يسعى لتطبيق الأنظمة بمثالية مفرطة، فيا خيبة المسعى! أقول لهذا الصنف من المدرسين: «عزيزي المدرس البَقّال كن عميقاً، ودع عنك الشكليات والمظاهر السطحية، ولا تجعل هذه التصرفات المربكة للطالب تجري على حساب روح التعلم، اترك الأسئلة اليومية إلى يوم الامتحان، عندها سل ما شئت، وتفرغ الآن لدرسك واشرحه بهدوء واسترسل الكلام في موضوعه، وكن كريماً بالمعلومات الإثرائية، ولا تكن شحيحاً بالدرجات لمن هو على حافة النجاح، فلست أكثر نزاهة من د. غازي القصيبي الذي اعترف في مذكراته أنه كان يتعاطف ويساعد هذه الحالة من طلابه..». أما عندما يكون المدرس البَقّال رائداً للنشاط أو مسؤولاً عن جماعة الموهوبين، فحدث ولا حرج عن التمييز الفئوي! فجماعة الموهوبين حكراً على الطلاب المتفوقين دراسياً فقط! وهؤلاء هم نخبة الفصل وبالتالي لهم حظوة عند المدرس البَقّال الذي لا يفرق بين الموهبة والتفوق الدراسي! وعليه لم يكن لنا نصيب نحن الجالسون في المقاعد الخلفية المهمشة أهل الشغب والفشل كما يصفنا البَقّال! حتى وإن وجد أحدنا فرصة للانضمام إلى مجموعته لم يجد فيها غير (التمثيل، والإنشاد، والإلقاء) أما التمثيل فهو موهبة من لا موهبة له من أولئك الطلبة المتفوقين دراسياً! وللإنصاف فإن هذا الصنف من المدرسين قليل بطبيعة الحال، لكن ضحالته الفكرية وعنترياته تجاه طلابه تجعله محلاً للسخرية، ويقيناً سيكون في خانة الذكريات السيئة.