تحيي الولاياتالمتحدة الجمعة ذكرى إنهاء العبودية في خضم اضطرابات أوقد شرارتها عنف الشرطة غير المبرر ومن خلفه العنصرية والتمييز اللذين لا يزالا حاضرين تجاه الأميركيين السود. ومن المرتقب مشاركة الآلاف في عدة تظاهرات تمتد من نيويورك إلى لوس انجليس لمناسبة الذكرى 155 لما يسمى ب"جونتينث" (دمج حزيران/يونيو و19 وفق لفظهما بالانكليزية)، وهو اليوم الذي أدرك خلاله "العبيد" في غالفستون في تكساس أنّهم صاروا أحراراً. وصباح اليوم الجمعة بالتوقيت المحلي، كانت عدة شوارع في وسط العاصمة واشنطن مغلقة أمام حركة السير وسط انتشار واسع النطاق للشرطة في محيط البيت الأبيض والساحة المسماة حديثا "حياة السود تهم" حيث يتوقع أن يلتقي المتظاهرون خلال النهار، وفق ما لاحظ صحافيون في فرانس برس. غير أنّ عدة مآس وقعت خلال العام الحالي دفعت بالبلاد نحو الشروع في إعادة النظر بالعنصرية التي طبعت ماضيها ولا تزال ماثلة في المجتمع. وكان أبرز تلك الأحداث، وفاة الأميركي الأسود جورج فلويد (46 عاما) اختناقا في نهاية ايار/مايو في مدينة مينيابوليس، بعدما جثا الشرطي الأبيض ديرك شوفين فوق عنقه لأكثر من ثماني دقائق وسط مناشداته المتكررة بعبارة "أعجز عن التنفس". وأثار نشر المشهد كاملا في مقطع فيديو سجّله مارة، صدمة في البلاد وتظاهرات هائلة رفضاً للعنصرية الحاضرة في الحياة اليومية واحتجاجاً على عنف الشرطة. وقال شقيق جورج فلويد، فيلونيز، أمام جلسة لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، "الحقيقة المؤلمة أنّ ما جرى لا يمثّل حادثة منفصلة". وأوضح أنّ "الطريقة التي عذّب بها شقيقي ومقتله الذي وثقته الكاميرا يعكسان كيفية معاملة الشرطة للسود في (الولاياتالمتحدة)". ووسط الهتاف بشعار "حياة السود تهم"، تظاهر ملايين في الشوارع تنديداً بعدم المساواة. وألقت هذه التعبئة التي شابتها أعمال عنف ونهب، الضوء على أساليب قوات إنفاذ القانون تجاه الأقليات في البلاد وسلوكها الجائر. وأججت الغضب حادثة شهدتها مدينة اتلانتا في 12 حزيران/يونيو، حينما أطلق شرطي ابيض رصاصتين على ظهر الأميركي الأسود رايشارد بروكس الذي كان يحمل آلة صعق بيده ويحاول الفرار من الشرطة. وكما في مينيابوليس، أقيل الشرطي واتّهم بالقتل. إزالة صور برغم أنّ دونالد ترامب ندد بمقتل فلويد وبروكس، لكنّه أضاع فرصة الظهور كرئيس جامع. فبدلاً من ذلك، انتقد المتظاهرين في عبارات نظِر إليها على أنّها تحمل إيحاءات عنصرية. وسكب الملياردير الجمهوري الزيت فوق النار من خلال دعوته إلى تجمع انتخابي واسع في تولسا بولاية أوكلاهوما تزامناً مع ذكرى إنهاء العبودية. ولا تزال ذاكرة هذه المدينة مطبوعة بذكرى واحدة من أسوأ أعمال الشغب العنصرية، إذ إنّها شهدت عام 1921 مقتل ما يصل إلى 300 أميركي من اصول إفريقية على يد حشد من البيض. ووصِف خيار ترامب بأنّه استفزازي، ما اضطره إلى إرجاء التجمع ليوم واحد. ودفعت هذه التظاهرات والاحتجاجات بالأميركيين إلى إعادة النظر في تاريخ بلدهم الذي مزقته مسألة العبودية التي كانت نظاما وفّر الازدهار الاقتصادي. وتكررت الدعوات إلى إزالة نصب تكرّم جنرالات ومسؤولين كونفدراليين في زمن الحرب الأهلية (1861-1865)، وهي منتشرة في جنوب البلاد، وجرت إزالة بعضها. ومنعت سباقات ناسكار للسيارات رفع أعلام الكونفدرالية في الحلبات، إذ غالبا ما ترفعها حشود في الجنوب حيث تشتهر هذه السباقات. وأمرت زعيمة الديموقراطيين في الكونغرس نانسي بيلوسي الخميس بإزالة صور لأربعة رؤساء سابقين لمجلس النواب لأنّهم انحازوا إلى أنصار الكونفدرالية. كما منحت شركات كبيرة على غرار "نايكي" و"تويتر" عطلة لموظفيها لاحياء الذكرى. وبرغم المكاسب التي سجّلت في الخمسينيات والستينيات بفعل حركة الحقوق المدنية، ما زال السود الذين يمثلون نحو 13% من السكان يعانون من التهميش. إذ تعاني هذه الأقلية من نسب فقر عالية وهي غير ممثلة بشكل منصف على المستوى السياسي. وضاعفت أزمة تفشي وباء كوفيد-19 هذا الواقع، إذ ارتفعت معدلات البطالة بين السود بشكل كبير وسط الشلل الذي أصاب الاقتصاد الأميركي. وفي ظل عمل السود عموماً في أعمال أساسية ولكنّها منخفضة الأجور، كانوا أكثر عرضة للإصابة بالفيروس.