غياب القدوات أظهر «صانعي التافهين» فأصبحت تجارة رابحة لمن لا ضمير عنده ولا مصداقية بينما نجد أصحاب الذوق والمحتوى الهادف على الهامش في ظل تسليط الأضواء على «المطقطقين» و»المطبلين»، وما يوجد في تلك الدول يتكرر لدينا بشكلٍ مماثل تقريباً، حيث يوجد في مجتمعنا أشخاص مفلسون للذوق يسكنهم الجهل والأمية ولديهم هوس بحب الظهور، وهم هنا لا يملكون ما يستطيعون الظهور به، سوى مقومات الهمجية والسخف بعدما وجدوا من يحتضن سماجاتهم، إلى متى نلقي بإعلامنا إلى التهلكة..! وجود أمثال هؤلاء الحمقى بهذا الكم يؤكد وجود أزمة حقيقية واختلال في المعايير والأسس الأخلاقية، وهذه مسؤولية المجتمع الذي تلقَّى بضاعتهم الرخيصة وساهم بنشرها وبث دعاية مجانية لها، حتى صنع منهم نجوماً حُفرت أسماؤهم وصورهم في أذهان المراهقين وجيل الشباب، كما أن الإعلام الحديث وقنواته التي تقبلتهم بحماقاتهم وسخفهم تتحمّل جزءاً من المسؤولية أيضاً، حتى إن كان هدفها ربحياً. ولنعلم أن المجتمع الواعي هو خط الدفاع الأول في مثل هذه القضية وغيرها، كما أنَّه هو القادر بحكمته وحنكته على إيقاف مثل هذا الهراء ورد البضاعة الخائبة إلى أهلها وحمقاها. إنَّ قضية هؤلاء الحمقى قضية مجتمعية معاصرة اتخذت من أدوات التواصل الاجتماعي وسيلة لها في تهديد النسيج الثقافي والفكري لأفراد المجتمع على اختلاف شرائحه وطبقاته، لاسيّما فئة الشباب من الجنسين، وتتمثل هذه الآفة والمؤمل ألاَّ تصل إلى حد الظاهرة فيما لاحظه المراقبون والمهتمون في الآونة الأخيرة في إسهام المجتمع ببعض أفراده بقصد أو غير قصد في صناعة حمقى تافهين يتخذون من وسائل التواصل الاجتماعي بتغريداتهم ومقاطعهم الهزلية في «تويتر» أو «فيس بوك»، أو سخافاتهم السلوكية السلبية عبر «سناب شات» وغيره من الوسائل المجتمعية للتواصل ذريعة لإشباع حاجة نقص لديهم. مشكلة بعضنا كما قال «نورمان فينسنت بيل» اننا نفضل أن يدمرنا المديح على أن ينقذنا الانتقاد، حتماً يجب التصدي لهذه القضية وجعلها من قضايا الرأي العام ولابد أن يكون لهذه القضية الأولوية في الطرح، لتوعية أفراد المجتمع لاسيّما فئة الشباب، بالعواقب الوخيمة على الفرد والمجتمع فيما لو تنامت وأصبحت ظاهرة قد يستفحل ويصعب علاجها مستقبلًا عبر الأجيال الصاعدة.