أقر النواب الروس بأكثرية ساحقة ، اليوم الثلاثاء، في قراءة ثانية تعديلات دستورية أرادها فلاديمير بوتين وشملت بندا مفاجئا أدرج في اللحظة الأخيرة ويفتح الباب أمام الرئيس الروسي للترشح لولاية جديدة. وبحسب الدستور الحالي، لا يحق لفلاديمير بوتين الترشح لولاية رئاسية ثالثة على التوالي بعد انتهاء ولايته الحالية في 2024، غير أن نائبة من حزب "روسيا الموحدة" الحاكم أضافت في الصباح تعديلا يتحدث عن "تصفير العدّاد" في حال إقرار التعديلات. وفي خطوات مضبوطة بدقة، ألقى الرئيس الروسي كلمة مفاجئة لم يتطرق فيها إلى جوهر الموضوع لكنه أشار إلى أنه "من الممكن تصفير العدّاد" شرط موافقة المجلس الدستوري على ذلك. وقال بوتين "هذا الخيار قد يكون ممكنا في المبدأ لكن بشرط أن يخلص المجلس الدستوري رسميا إلى أن تعديلا كهذا لا يتعارض مع القانون الأساسي، وفقط إذا ما دعم المواطنون مثل هذا التعديل خلال التصويت الوطني في 22 أبريل". وأكد بوتين أن "سلطة رئاسية قوية ضرورة مطلقة لروسيا" معتبرا أن "الاستقرار يجب أن يحظى بالأولوية". ومع إدخال هذا التعديل، يمكن لبوتين (67 عاما) نظريا أن يترشح لولايتين أخريين ليبقى في الكرملين حتى العام 2036. وقد أقر أعضاء مجلس الدوما الروسي الإصلاحات بأكثرية 382 نائبا في مقابل امتناع 44 عن التصويت ومن دون أي صوت معارض. وتقام الأربعاء قراءة ثالثة أقل أهمية قبل إحالة هذه التعديلات في اليوم نفسه إلى مجلس الشيوخ للموافقة، في خطوة ترتدي طابعا شكليا. هذه المراجعة الدستورية التي اعلن عنها بوتين بصورة مفاجئة في يناير، هي الأولى منذ إقرار الدستور سنة 1993 كما أنها تصنف على نطاق واسع على أنها مسعى لتحضير فترة ما بعد 2024 موعد انتهاء آخر ولاياته الرئاسية. ويرى البعض أن الرجل القوي في روسيا يسعى إلى الاحتفاظ بنفوذه بعد مغادرة الكرملين، فيما يعتبر آخرون أنه يعمل على إرساء خلافة منظمة. وكان بوتين نفى قبل أيام أن تكون هذه الإصلاحات لتعزيز موقعه بعد نهاية ولايته، قائلا إن "لا علاقة لي بهذا الأمر". وأضاف "نقترح تعديلات ليس لخمس سنوات أو عشر، لكن لثلاثين أو خمسين عاما على الأقل". ديمومة النظام في مسعى لتعزيز الصلاحيات الرئاسية وتدعيم دور مجلس الدولة الذي تقتصر مهامه حاليا على الجانب الاستشاري، أقر النواب هذه التعديلات الدستورية بالإجماع في قراءة أولى في يناير. وأرسل فلاديمير بوتين مذاك 24 صفحة إضافية ناقشها النواب الثلاثاء. وقال رئيس مجلس الدوما فياتشيسلاف فولودين إن هذه التعديلات "هي ما نحتاج إليه اليوم". وسيخضع هذا النص بمجمله إلى "تصويت شعبي" من الروس في 22 أبريل. ويرى محللون كثر أن هذا الإصلاح يترك لبوتين حدا أقصى من المجالات للحفاظ على نفوذه والإبقاء على النظام الذي بناه في خلال عشرين عاما في السلطة. وقد أُشبع إصلاح مجلس الدولة نقاشا في هذا المجال، إذ يرى البعض أن هذه المؤسسة هي التي ستتيح لبوتين الحفاظ على حضوره النافذ بعد مغادرة الكرملين. وتعزز الإصلاحات أيضا بعض صلاحيات الرئيس الذي سيتمكن على سبيل المثال من رفض تمرير قانون أقره ثلثا النواب، أو تعيين عدد كبير من القضاة. وفيما يعطي الإصلاح الدستوري البرلمان الحق في اختيار رئيس الوزراء، سيحتفظ الرئيس بالحق في إقالة رئيس الحكومة أو أي من أعضائها حينما يشاء. وفي هذا الإطار، طالب نواب كثر الثلاثاء بالدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة فور إقرار الإصلاح. ومن التعديلات اللافتة الأخرى، سيُمنع على القضاة والنواب والمسؤولين السياسيين على المستوى الفدرالي حيازة جنسية أجنبية أو إقامة في بلد آخر. ونددت المعارضة وخصوصا رئيسها أليكسي نافالني، بشدة بالتعديل الدستوري مؤكدة أن الرئيس يرغب في البقاء في الحكم حتى آخر يوم من حياته. بيان محافظ غير أن فلاديمير بوتين (67 عاما) نفى هذه الاتهامات. وهو أكد الأسبوع الماضي أن أي زعيم يفعل كل ما في وسعه للحفاظ على صلاحياته قد "يدمر" البلاد، و"هذا ما لا أريد فعله". وفي مواجهة تراجع مستوى المعيشة وبعد إصلاح غير شعبي لنظام التقاعد، قرر بوتين أيضا إدراج فقرة في الدستور تلحظ حدا أدنى للأجور وإعادة تقييم للمخصصات التقاعدية تبعا لمعدلات التضخم. وتعكس تعديلات أخرى الطابع المحافظ للرئيس الروسي، بما يشمل إدراج فقرة عن "الإيمان بالله" وتحديد الزواج على أنه اتحاد بين رجل وامرأة. ويرى محللون أن هذه التدابير الاجتماعية والاقتصادية ترمي إلى إقناع الروس بالمشاركة في "التصويت الشعبي" في 22 أبريل.