هل يخفي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نياتٍ للبقاء في السلطة لفترة غير محددة؟ وهل سيحذو حذو نظيره الصيني شي جينبينغ الذي يسعى إلى رئاسة مدى الحياة؟ قبل نحو أسبوع على انتخابات من المرجح أن يفوز فيها بوتين بولاية رابعة تدوم ستَ سنوات إضافية، نفى الرئيس الروسي في لقاء مع قناة التلفزة الأميركية «أن بي سي»، وجود أي نية لديه لتعديل فقرات في الدستور تسمح له بالبقاء في الكرملين إلى ما بعد 2024. وقال في المقابلة التي نَشرها الكرملين أمس: «أظن أني قلت سابقاً، لم أغيّر الدستور قط، لم أفعل ذلك ليتوافق معي، وليس لدي أي مخططات للقيام بذلك اليوم». وكان بوتين انتُخب رئيساً عام 2000، لكن مع قرب انتهاء ولايته الثانية عام 2008، دعم رئيس الوزراء في حينه ديمتري مدفيديف لمنصب الرئيس، فيما انتقل بوتين إلى رئاسة الحكومة حتى انتخابات عام 2012 التي عاد بعدها إلى الرئاسة. وعلى رغم تباهي بوتين باحترام الدستور، فإن معارضيه يتهمونه بالتحايل على مواده التي تمنع البقاء في الحكم لأكثر من ولايتين متتاليتين، ما سمح له ب «تبادل كراسي» مع مدفيديف. ولا يستبعدون أن يبادر إلى تعديل دستوري يضمن بقاءه مدى الحياة في السلطة، مع هيمنة مناصريه على الهيئة الاشتراعية في الدوما (البرلمان)، ومجلس الاتحاد (الشيوخ). ويشير خصوم بوتين السياسيين إلى أنه عمل على جمع صلاحيات إضافية لرئيس في نظام بُني أساساً لتعزيز هذا المنصب، ومنها ترشيح رؤساء الجمهوريات والأقاليم الروسية، قبل أن يتابع «الرئيس الموقت مدفيديف» التعديلات لتولي بوتين حقبتيْن من 6 سنوات بعدما كانت الفترة الرئاسية مقتصرة على أربع سنوات فقط. وفاز بوتين بولاية ثالثة عام 2012 بعد احتجاجات عارمة على نتائج الانتخابات البرلمانية لعام 2011 واتهامات بتزويرها، وكذلك للمطالبة بعدم ترشحه لولاية ثالثة. ويقول معارضون إن بوتين استغل فترته الثالثة لتعديلات دستورية عام 2014 سمحت له بحق تعيين أعضاء المحكمة الدستورية العليا، والمحاكم الفيديرالية، إضافة إلى تعيين المدعي العام ونوابه. ويشير معارضون إلى أن بوتين استطاع أن يفرض تعديلات تسمح له بتعيين عشرة في المئة من أعضاء مجلس الشيوخ، الهيئة الاشتراعية الأعلى التي تضم حكام الأقاليم والجمهوريات داخل الاتحاد الروسي. ورفض بوتين في المقابلة مع «أن بي سي»، تلميحات عزت عدم تخليه عن السلطة إلى خوفه من أن يتعرض إلى الخطر، واصفاً ما يُتداول في هذا الشأن بأنه «كثير من الهذيان». وشدد على أن «القرار الأخير» لاختيار خليفته في يد الروس، وأن من «سيتولون السلطة في روسيا بالضرورة ليسوا أشخاصاً مستعدين لتدمير كل ما فعلته في السنوات الماضية». ومن المتوقع أن يفوز بوتين بسهولة في انتخابات مقررة الأحد المقبل، إذ منحته استطلاعات الرأي الأخيرة في 2 الشهر الجاري، 69.7 في المئة في مقابل أقل من 7 في المئة لمرشح الحزب الشيوعي بافل غرودينين، فيما حُرم المعارض الليبرالي أليكسي نافالني من المشاركة بسبب إدانة قضائية يقول مؤيدوه إنها عقاب له على الترشح بوجه الرجل القوي. ورفض بوتين تأكيد ما إذا سيمنح نافالني عفواً، واكتفى بالقول: «يمكن منح عفو لأي شخص إذا كان يستحق ذلك». وأظهر إعجابه ب «بعض القوى السياسية»، وتحديداً لأنها «تعرض مشكلات»، إلا أنه اعتبر أن «هذا غير كاف للتطور الإيجابي للبلاد لأن تركيز الانتباه على المشكلات، ليس غير كاف فحسب، بل خطير لأنه يمكن أن يؤدي إلى دمار معين، ونحن بحاجة للإبداع». ويرى خبراء في موسكو أن الهجوم على نافالني وغرودينين لا يتعلق بمخاوف من منافستهما بوتين الذي تعطيه الاستطلاعات نحو 70 في المئة، بل من أجل عدم بروز أي معارضة وازنة ضد سياسات الكرملين من خارج مؤسسات الأحزاب التقليدية، ورغبة بوتين في الجمع بين جميع الصفات الحسنة في شخص واحد، فهو شيوعي في خطاب، وليبرالي في آخر، ومحافظ في ثالث. كما أن بروز جيل جديد من السياسيين غير المتورطين بالفساد أو محاباة السلطة، لا يروق لكثير من القوى المقربة من بوتين داخل تيارات الكرملين المختلفة.