تمضي الدقائق وتطعن بعقرب ساعة مسموم، وتظل طريحة بلا حراك تترقب ساحات الخبر هل من جديد؟ لم نعد نستشعر لذة لوقت الفراغ، شيئًا فشيئًا بدأ يموت الوقت بداخلنا، منذ أن هجرنا كتبنا، وهواياتنا، والحديث الشيق عن أهدافنا، وقد اختفى فينا حس الابتكار، ورضخنا للانتظار. ما يظهر جديد إلا واقتنيناه، وإن فشلنا قلدناه. نصطبح على شاشة هواتفنا، ويبدأ يومنا على مشاهدة يوميات غيرنا الذي منهم من فتح الله عليه باب رزق لم يكن يعلمه، والبعض الآخر من فتح حساباً لطفلته، أو طفله يترزق عليه، وآخرون يثرثرون ويتقاضون أجرًا على ثرثرتهم على حساب المتابع حتى يصبح عميلاً. أصحاب حسابات الفن، والأدب، والفلسفة انشغلوا عنها بتصوير قهوتهم الساخنة على إيقاعات الروح التي لن يفهمها هذا الجيل. أصحاب حسابات المعلومات الثمينة، أو بنوك المعلومات أرجو أن أكون وفقت في وصفي لهم، اكتفوا بمشاهدة أرصدتهم من معلومات حبيسة على أرفف مكتباتهم مقيدة على جدار الزمن، وعلى نفس السياق حسابات تطوير الذات اكتفوا بتطوير أنفسهم، فباتت عقولنا غير محصنة وهشة ضد أي عدوان ومن السهل اقْتحامها والعبث بها، وبأتفه الأساليب، وما زال هناك كثير من حسابات التواصل الاجتماعي التي تنشأ بلا هدف، ولا محتوى، ولا فائدة مرجوة سوى رفع عدد المشاهدات، وبين هذه وتلك في دقائق البدل الضائع تجدنا نبحث عن دقائق أخرى لننفقها على مزيد ممن يروجون للتفاهة ليس إلا. لا اُلقي اللوم على أصحاب الحسابات الهادفة إن تركوا الساحة فحسب، أيضًا على طريقة إيصال الرسالة الهادفة، بحيث تتماشى مع عقلية المتلقي بطريقة عصرية، في هذا العصر أرى أن الركض خلف الأساليب والأشياء الغريبة التي تشعل روح الحماسة، والتشويق طريقة فعالة للوصول لعدد كبير من المتلقين كبارًا وصغارًا، فقد جنحوا للملل، وباتوا مترقبين لجديد يغمر فراغهم بما هو مفيد، فهذا هو الوقت المناسب لاكتساح الساحة، وتأطير الفراغ، وجعل له نتَاج وقيمة بتجديد للمعلومات، وصقل للهوايات وترتيب الأولويات. هناك من تقتصر قائمة متابعيهم على يوميات العائلة، والأصدقاء فقط، في برامج التواصل الاجتماعي، فهل ستضج قائمة متابعيهم بالحسابات القيمة يومًا؟