مع النهضة المباركة ورؤية 2030 كان من الطبيعي أن تتجه الأنظار إلى البحث عن المقدمات الأساسية للنهوض بالعالم الإسلامي وفي مقدمتها التعليم باعتباره إحدى الدعائم الرئيسية لبناء صرح الأمة الإسلامية وقوتها، فمحاورها الثلاثة كلها تسهم في تطوير رأس المال البشري الذي يعتمد على العقول ذات المهارة العالية والطاقات البشرية المبدعة والمنتجة، ولا تقتصر أهمية الاقتصاد المعرفي على المجال الاقتصادي وحسب، بل تتعداه لتصل إلى المجال التربوي والتعليمي؛ حيث يسهم في إحداث نقلة نوعية في مجال البحوث التربوية ورسم السياسات التعليمية، وفي تطوير العملية التعليمية من حيث مدخلاتها ومخرجاتها، كذلك يسهم في صناعة القرارات التربوية الرشيدة وتوظيف البحث العلمي لصالح العملية التربوية، كما يتيح فرص الاستفادة من التجارب التعليمية الدولية الناجحة لتطوير منظومة التعليم، كذلك تفعيل التعاون مع الجامعات الأخرى، وعقد الندوات الحوارية والمحاضرات للقيادات التربوية وأعضاء هيئة التدريس والطلاب؛ للاستفادة من البحث العلمي والتدريب ومنهجيته والمشاركة في المعرفة لنموها. ومما لا شك فيه أن مستقبل مجتمعاتنا يتقرر في أروقة جامعاتنا وقاعاتها الدراسية ومخابرها ومعاملها، لأن مخرجات مؤسسات التعليم العالي توصف أنها مدخلات التنمية، وهذا ما يؤكد أهمية وحتمية مواكبة أداء مؤسسات التعليم العالي لاقتصاد المعرفة والتأكيد على ضرورة تحول التعليم من الدور التقليدي في توفير المعرفة إلى الدور الإستراتيجي في إنتاجها، بالإضافة إلى معرفة العوامل الإستراتيجية اللازمة لتحسين نوعية التعليم بالجامعات وضرورة إنشاء نسق فعال لإنتاج المعرفة. وأخيراً، يمكن القول إن التعليم يشكل المنظومة الرئيسة لنشر المعرفة في المجتمع، ولكي يتحقق التحول نحو الاقتصاد المعرفي ينبغي علينا العمل على تحقيق متطلباته، ومن أهم تلك المتطلبات تحديد معايير الاقتصاد المعرفي في البرامج الأكاديمية، والعمل على تقويمها وتطويرها في ضوء تلك المعايير، وتطوير المناهج وفق اقتصاد المعرفة بحيث تنطلق من رؤية تربوية معاصرة تتوافق مع المستجدات والتطورات العلمية، وهذا ما سيمكنه النظام الجديد للجامعات من إقرار تخصصاتها وبرامجها وفق الاحتياجات التنموية وفرص العمل في المنطقة التي تخدمها، وسيسهم النظام الجديد أيضًا في تخفيض الكلفة التشغيلية للجامعات، وسيدفعها إلى إيجاد مصادر تمويل جديدة، ويقلل من اعتمادها على ميزانية الدولة.