إن أهمية التفكير تقاس من خلال ما يحمله الإنسان من مخزون فكري وعلمي واعتقادي مما يحدد قيمته الإنسانية والاجتماعية، فكلما كان هذا المخزون على قدر من الوعي، كلما ازدادت القيمة الحقيقية لهذا الإنسان، وارتقى به المجتمع والدولة بكاملها، وذلك لأن فكرة واحدة من فرد واحد قد تعمل تحولاً كبيراً في نفسه أو أسرته أو مجتمعه بكامله. وللحصول على قدر عالٍ من هذا المخزون المعرفي عليك أن تمارس عملية التفكير بأصالة، فأهمية التفكير لا تقل عن أهمية وصول الأوكسجين للدماغ، فلا تمنعه بأن يمارس حقه، وعندما أقول تفكير فأنا أقصد التفكير العميق والواعي الذي يزيد من نشاط العقل ويغذيه، فهذا الدماغ المخلوق بإبداع الخالق يكون تقديره في استثماره بالعلم والمعرفة، استنر من هذا الوجود، التفت إلى الحقائق واقترب منها، حتماً ستُدهش عندما تمارس عملية التفكير، فعقلانيتك غير المشحوذة بالعلم ستخذلك كثيراً، وأيهما أهم وأولى بالاعتبار: العقل من حيث هو أم العلم؟ الجواب بكل بساطة: العلم، لأن العلم ما يكون إلا مُؤسَّساً على عقل، «مهاد من العقل»! لكن العقل المحض وحده بلا علم وبلا معارف لا يكاد يسوى شيئاً، يخذل الإنسان كثيراً! فالحيوانات تتحرَّك بغرائزها المحضة أفضل مما يتحرَّك الإنسان بعقله المحض، لذلك الإنسان لا يتحرَّك بالعقل المحض، يتحرَّك بالمعارف والتجارب والخبرات المُتراكِمة لدى الجنس البشري أو على الأقل لدى شعب من الشعوب أو قبيل من الناس في هذا المكان أو ذاك، أنت الآن مطالب بالاستفادة من نعمة العقل التي ميّز الله بها بني آدم على سائر المخلوقات.. فالعقل بلا تفكير كالجسد بلا روح، فنماء العقل وثمرته بالتفكير، قال السباعي -رحمه الله-: (لا ينمو العقل إلا بثلاث: إدامة التفكير، ومطالعة كتب المفكرين، واليقظة لتجارب الحياة) وبالتفكير ينتقل الفرد من التبعية والتقليد إلى الاستقلالية في التفكير، وقد قيل: (أنا أفكر، إذن أنا موجود). ولتكون كياناً حقيقياً موجوداً عليك بالتأمل وطرح الأسئلة على نفسك، واطلب من الله أن يشعل فيك حب المعرفة لتكون قيمة مضافة للمجتمع، فكم يرفع العلم أشخاصاً الى رتب ويخفض الجهل اشرافاً بلا أدب.