انتقاء الشيء بمعنى اختياره من بين مجموعة من جنسه، اختيار الشخص لسيارته أو منزله أو اختيار فلان صديقاً، بمعنى انتقاه وفضله عن غيره، عملية الاختيار أو الانتقاء هذه تتضمن بالضرورة الفرز والتمحيص والتحليل والتصنيف، حتى يستطيع أن يفاضل بين الشيء موضوع الاختيار وأشباهه. هذه عملية سيكولوجية يمارسها الإنسان بقصد وأحياناً بتلقائية وفق مرجعية تربوية وفكرية وثقافية نشأ وتعوَّد عليها. وبالتدريب وبرمجة الذات، يستطيع الإنسان أن يسحب مبدأ الانتقائية على الكثير من الأشياء وحتى السلوك. وهي قد تكون برمجة نافعة مفيدة إذا كان الهدف منها سامياً وذا قيمة تضيف الى صفاته سمة إيجابية جديدة. في هذا السياق اشتققت من الانتقائية مصطلحاً جديداً، أعتقد أن تطبيقه مفيد وجيد، وهو السماع الانتقائي، وإذا أردنا التوسع فيلكن الاهتمام الانتقائي، فالكلام الذي تتعرض له حاسة السمع كثير جداً سواءً كان مباشراً أو غير مباشر، في البيت، في العمل، في السيارة، في السوق، في الشارع، في كل مكان، ولكن من الجيد أن يكون لديك قدرة على انتقاء ما تسمعه من بين كل ما يرد ويدور حول حاسة السمع، فما يهمك أو ما قد تكون منه فائدة فلتنصت له وتستمع إليه وغير ذلك أعرض عنه وكأنه لم يكن ولم يصل الى مسامعك البتة، أو كما يقال في اللهجة المحكيَّة العامة «طنش». مثل ذلك ينسحب أيضاً على الاهتمام فليكن اهتمامك أيضاً انتقائياً، بمعنى ما يهمك أو يخصك أو ما يفيد أعِره اهتمامك وتركيزك وتفاعل معه، أما غير ذلك ف»طنش». هذا « التطنيش « يريحك ويجنبك الكثير من العواقب والآثار أو المترتبات على الخوض فيما لا طائل منه، ويريح الآخرين بشكل أو بآخر، ويضع الأمور في إطارها وحجمها الطبيعي. فهناك أناس اعتادوا وتخصصوا في نقل الكلام وبث الشائعات والأقاويل والزيادة والتحريف والتصرف فيها بكل شكل وأسلوب، سواءً في المجالس أو اللقاءات أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي التقنية أو في بيئة العمل أو خلافه، فإن خُضت معهم أهدرت وقتك وجهدك وشتَّتَّ اهتمامك وتركيزك في أمور فارغة لا طائل منها إن لم تلحق بك الأذى أصلاً. تغريدة : لنجعل الانتقائية وسيلة من وسائل تحقيق جودة الحياة.. وقد قيل في المثل العامي «طنش تعش تنتعش».