عاد زعيم المعارضة في جنوب السودان رياك مشار، اليوم الاثنين، إلى جوبا لأول مرة منذ عام للقاء غريمه الرئيس سلفا كير في محاولة لإنقاذ اتفاق السلام المتعثر. ووصل مشار إلى العاصمة جوبا على متن طائرة سودانية، سبقتها طائرتان تحملان وفدا كبيرا ضم حوالي 60 شخصا ومسؤولا أمنيا من الخرطوم حيث يعيش مشار في المنفى، على ما أفاد صحافي في وكالة فرانس برس. وأعلنت حكومة جنوب السودان الاثنين على حسابها الرسمي على تويتر أنّ "الرئيس سلفا كير سيعقد اجتماعا وجها لوجه مع النائب الأول رياك مشار". والأحد، قال المتحدث باسم الحكومة ميشيل ماكوي لفرانس برس "يتوقع أن يأتي (مشار) ويجلس مع الرئيس سلفا كير ليناقشا كافة المسائل العالقة في اتفاق السلام وكيفية المضي قدما". ووصل مشار برفقة قائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية في السودان محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي الذي سيعقد بدوره مباحثات منفصلة مع حركات سودانية مسلحة متمردة. ومن المتوقع أن تستمر زيارة مشار لجوبا ليومين. ويأتي اللقاء فيما تقترب المهلة النهائية لتشكيل حكومة تقاسم السلطة المحددة في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، وهو بند رئيسي في اتفاق السلام الذي تم توقيعه في ايلول/سبتمبر 2018. ولم يظهر كير ومشار سويا منذ التقيا في نيسان/ابريل الفائت في الفاتيكان حيث أذهل البابا فرنسيس العالم بركوعه وتقبيله قدمي طرفي النزاع في جنوب السودان والمتهمين بارتكاب جرائم حرب. وبعد هذا اللقاء الاستثنائي، أبلغ كير البرلمان أنه سامح مشار وطلب من غريمه العودة للبلاد. لكن مشار، الذي يعيش في الخرطوم، أعرب عن مخاوفه على أمنه الشخصي إذا عاد لجوبا. وغرقت دولة جنوب السودان التي نالت استقلالها عام 2011، في حرب أهلية في كانون الاول/ديسمبر 2013 اثر اتهام رئيسها وهو من قبائل الدينكا، نائبه السابق وهو من قبائل النوير، بتدبير انقلاب عليه. وأدى الصراع إلى مقتل نحو 380 ألف شخص بحسب احصاء جديد، ودفع أكثر من أربعة ملايين، أي ما يعادل ثلث سكان جنوب السودان، إلى النزوح. وأسفر اتفاق السلام عام 2018 عن تراجع كبير في الأعمال القتالية، من دون أن تتوقف نهائياً. ونص الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية في 12 أيار/مايو كحد أقصى، لكن جرى تمديد المهلة ستة اشهر إضافية لإتاحة الفرصة أمام تجميع المقاتلين ودمجهم في جيش موحّد، تنفيذاً لبند رئيسي في اتفاق السلام. وزار مشار جوبا لأخر مرة في تشرين الاول/اكتوبر 2018 لحضور احتفالات بمناسبة توقيع اتفاق السلام قبلها بشهر. وقال آلان بوسويل المحلل البارز في مجموعة الأزمات الدولية ومقرها بروكسل "لقد كنا ننتظر هذه اللحظة منذ زمن طويل. الوسيلة الوحيدة لإيجاد طريق للمضي قدما هو أن يلتقي الرجلان. الطريق مفتوح لهما لتشكيل حكومة وحدة لكنهما سيحتاجان لإبرام اتفاقات سياسة جديدة لتحقيق ذلك". وتابع "إذا فشلا في الاتفاق على طريقة للمضي قدما في المحادثات المباشرة، فسنكون بصدد ازمة كبيرة".