السعادة في بيئات العمل مطلب ضروري لتحقيق أعلى معدلات الإنجاز وفق مؤشرات الأداء التي خطط لتحقيقها عبر بوابة معايير ومواصفات ومقاييس علمية دقيقة في زمنٍ لا يعترف إلا بالأرقام المنجزة الحقيقية على أرض الواقع، وبما يواكب متطلبات المرحلة الراهنة، ومشروعات عملاقة تمضي بنا قُدماً نحو رؤية وطن في عام 2030. نستقبل عاماً دراسياً على الأبواب، والكل يعرف بأن بوابة المستقبل مدخلها دور التعليم العام والجامعي، وأن حرصنا جميعا على توفير البيئة الآمنة المستقرة السعيدة المطمئنة لمن يعملون في هذا القطاع الهام جدا، والذي يتعامل منسوبوه مع العقول البشرية التي ستبني المستقبل، سيكون الرابح هو الوطن. سعادة الموظفين والطاقة الإيجابية في بيئة العمل تحتاج إلى إيمان بقدرات ومهارات وكفاءات فرق العمل، وإعطاء كل ذي حق حقه من التقدير والاحترام والتكليف بالمهام التي تليق به وبخبرته دون محاباة ولا إجحاف بحق فرد من أفراد المؤسسة. هذه العدالة في إتاحة الفرص للجميع تزرع المحبة، وتُعزِّز من معايير الولاء والانتماء، بل والفخر بالمؤسسة التي ينتمون إليها. عندما نزرع المحبة والولاء بين جميع الأفراد، ابتداءً من رأس الهرم الوظيفي إلى أبسط الرتب الوظيفية، وعندما يشعر الموظف بأنه جزء لا يتجزأ من هذه المؤسسة، حينها ستحتفظ كل مؤسسة بموظفيها الأكفاء والمخلصين، وسيعملون معاً كفريقٍ واحد لتحقيق الرؤى والخطط التي لن تكون حبيسة الأوراق والملفات، بل تتحوَّل إلى واقع يعيشه كل أفراد المؤسسة، ويفرحون معاً بما تحقق من منجزات، والتي تمثل حصاد عمل جماعي تكاملي لا يُنسب لفردٍ بعينه، بل تسود بينهم ثقافة العمل المؤسسي، الذي يعترف بروح الجماعة. القيم المؤسسية المتمثلة في المصداقية والعدالة والالتزام والنزاهة والولاء وحب الإنجاز المتميز، يحقق أعلى معايير الولاء والانتماء وحب العمل، واستشعار المسؤولية، وتحقيق معايير السعادة المؤسسية. السؤال الذي يطرح نفسه: هل من الممكن خلق أماكن للعمل تُحقِّق معايير السعادة؟، هل يمكن أن نستمتع في عطلة نهاية الأسبوع دون قلق؟، هل من الممكن أن تلعب مؤسساتنا دوراً في المحافظة على صحتنا؟، وأن نستمتع ونحن نعمل؟، هل من الممكن أن ننسى أنفسنا أثناء العمل، ولا ننظر إلى الساعة منتظرين لحظة المغادرة؟. أعتقد بأن السعادة الوظيفية قرار شخصي يتخذه الموظف حين يشعر برابطة عاطفية قوية تجاه المؤسسة التي يعمل فيها، ويعيش حالة من الاندماج العاطفي والفكري، ويعتبر نفسه مسؤولاً وملتزماً تجاهها.. فالسعادة تتجسَّد في تزايد الإنتاجية، وارتفاع مستوى إتقان العمل، والقدرة على بث الطاقة الإيجابية لدى الآخرين، فالأشخاص السعداء يصنعون مجتمعات منتجة، ومشروعات تتمتع بمعدلات أداء متميزة. لنزرع قِيَم الجودة والتميُّز حتى نحصد السعادة، فبث روح الإخاء والمحبة والعطاء بين أفراد المؤسسة أمرٌ ستعم فائدته على الجميع. والإيمان الحقيقي بما يؤديه من عملٍ؛ سيجعله يعمل ما يُحبه، إن كُنَّا مؤمنين بقيمة وقداسة الرسالة التعليمية التي يُؤدِّيها كل منسوبي التعليم في كل المواقع، وبأن المقابل المادي وحده لن يوفي المعلم قدره ومكانته بين أفراد المجتمع، وأن الأثر الذي نتركه خلفنا بعد مغادرة مواقعنا مع مَن عملنا معهم هو الذي سيبقى مخلداً لذكرانا، فلتكن عطرة بين كل من قدَّر لنا أن نكون معهم في خندقٍ واحد، نعمل سوياً بروحٍ مفعمة بحُب العطاء والإنجاز من أجل وطن يستحق أن نُعدّ له جيلاً متميزاً في أخلاقه وعلمه، يتمثل أنبل وأكرم الصفات الإنسانية، لنكون بحق قُدوَة يُحتَذَى بها، ونبراساً يُستضاء به بين الأمم، علماً وخلقاً وعطاءً وإنجازاً متفوقاً متميزاً.