* كان لي شرفُ تقديم العديد من المؤتمرات والندوات الدولية، وكذا إدارة الكثير من الحوارات مع كبار الشخصيات من (ملوك، ورؤساء، وأمراء، ووزراء وعلماء ومفكرين ومثقفين من داخل المملكة وخارجها)، وفي كلها لم ينتبْني شيء من الرهبة -ولله الحمد- إلا مَرّة واحدة، وذلك بين يَدَي تقديمي لمحاضرة (الأمير خالد الفيصل)، التي تحدث فيها عن (منهج الاعتدال السعودي)؛ وذلك بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة مساء ال»20 من ديسمبر 2011م»؛ أما لماذا تلك الرهبة؟ فلأنني سأقف أمام قامة عظيمة، تحمل الفكر والمعرفة، وتتسلح بالبيان والفصاحة العربية وبالثقافة اللغوية الفريدة. * ذلك الموقف تذكرته و(الفيصل) يواصل مغازلة اللغة العربية والافتخار بها، وهو يؤكد في المؤتمر الإعلامي لإطلاق جائزة إمارة مكة للإعلام الجديد أنه لن يستخدم «مصطلح سناب شات» مرة أخرى؛ باعتباره ليس عربياً، مضيفاً: أشعر بالألم لعدم وجود مقابل عربي لهذه الكلمة...). وسموه بتلك اللفتة يبعث رسالة للناطقين بلغة الضاد: اعتزوا بلغتكم وحافظوا عليها؛ فهي ثَرِيّة وقادرة على مواكبة جميع المستجدات. * وهنا اللغة العربية من أقدم اللغات السامية، وإحدى أكثر اللغات انتشارًا في العالم إذ يتجاوز عدد مَن يتحدثون بها «430 مليون نسمة «، ومع ذلك فهي تعاني من التهميش الذي يمارسه أهلها، ومن سطوة اللغات العامية والأجنبية على ألسنتهم وتعاملاتهم اللغوية؛ يحدث هذا علانية وجَهَاراً نهاراً في مسميات المحلات والمشروعات التجارية وبتراخيص تمنحها المؤسسات الحكومية، وفي وسائل الإعلام المختلفة التقليدية والحديثة، وكذلك في الإعلانات وبعض المؤتمرات والندوات، وقبل ذلك الضعف اللغوي الذي يضرب أطنابه في المجتمع، الذي لم تسلم منه حتى المدارس والجامعات. * ولمواجهة تلك التحديات أرى أهمية أن تتجاوز احتفالية (العَرب) بلغتهم الأساليب النمطية التي تقوم على الندوات والمحاضرات والملتقيات الخارجية وحكاية «شَاطِر ومَشْطُور وبينهما كَامِخ»؛ لتتحول إلى برامج عَمَل تطبيقية تحْميها وتُكَرس لتداولها على ألسنة أبنائها، وذلك بالبحث عن قرارات سيادية تفرضها على الأقل في المؤسسات والجهات الرسمية، وما يقع تحت مسئوليتها في قطاعات التجارة والتعليم والإعلام والإعلانات، وسواها. * أيضاً هناك دعم مراكز الترجمة لتواكب لغة الضّاد المفردات والمصطلحات الجديدة، وكذا إطلاق فعاليات مبتكرة تخاطب الأجيال الناشئة بأساليب وأدوات عصرية، وهناك الحضور الفاعل للغة في المدارس عبر دبلومات متخصصة تقدم للمعلمين والمعلمات كافة، ودورات تدريبية للطلاب والطالبات، إلى غير ذلك من البرامج والمبادرات. * أخيراً (مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية)، مشروع رائد؛ وله جهود كبيرة لكني أراه يُركز بصورة كبيرة على الخارج؛ فلعله يلتفتُ للداخل، وينشط بالفعاليات والبرامج التطبيقية الفاعِلَة!.