قتل خمسة متظاهرين بينهم أربعة طلاب الاثنين بالرصاص في مدينة الأُبيض في وسط السودان وأصيب ثمانية آخرون بجروح، عشية استئناف المفاوضات بين المجلس العسكري الحاكم وقادة حركة الاحتجاج لحل بعض المسائل المتعلقة بتشكيل حكومة مدنية في المرحلة الانتقالية. ووقع قادة الجيش وحركة الاحتجاج صباح 17 تموز/يوليو بالأحرف الأولى "إعلانا سياسيا" لتشكيل مجلس عسكري مدني مشترك يؤسس لإدارة انتقالية تقود البلاد لمرحلة تستمر 39 شهرا، ما يمثل أحد المطالب الرئيسية للمحتجين. لكنّ قبل انطلاق المفاوضات، أعلنت لجنة أطباء السودان المركزية المقربة لحركة الاحتجاج مقتل خمسة متظاهرين في مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان في وسط البلاد. وقالت اللجنة في بيان "ارتقى قبل قليل خمسة شهداء إثر إصابتهم إصابات مباشرة برصاص قناصة بمدينة الأبيض بعد خروجهم في موكب الثانويات السلمي"، مشيرة إلى إصابة ثمانية آخرين بإصابات في الوجه والبطن والصدر. بدوره، أكّد تجمع المهنيين السودانيين الذي اطلق الاحتجاجات في بيان على صفحته على فيسبوك حدوث "إطلاق الذخيرة الحية على موكب طالبات وطلاب المدارس". ودعا "جميع الكوادر الطبية بمدينة الأبيض بالتوجه إلى قسم الطوارئ بمستشفى الأبيض التعليمي والمستشفيات الأخرى التي تستقبل حالات المصابين وذلك لسد النقص في الكوادر الطبية". ولم تذكر اللجنة سبب خروج التظاهرة لكنّ الأُبيض لم تشهد تظاهرات كبيرة ضد الرئيس السابق عمر البشير خلال حركة الاحتجاجات التي انطلقت في 19 كانون الاول/ديسمبر الفائت. وتشهد العاصمة الخرطوم تظاهرات منذ إعلان نتائج لجنة التحقيق في فض اعتصام المحتاجين أمام مقر القيادة العامة للجيش في 3 حزيران/يونيو، والذي أشار لتورط قوات أمنية من بينها قوات الدعم السريع في العملية الدامية، بدون أن يتلقوا أوامر رسمية بذلك. وفرّق مسلحون في ملابس عسكرية اعتصاما لآلاف المحتجين أمام مقر قيادة الجيش في الخرطوم في 3 حزيران/يونيو ما أدى الى مقتل العشرات وإصابة المئات. وقالت لجنة أطباء السودان المركزية إنّ 127 شخصاً قتلوا في الثالث من حزيران/يونيو خلال هذه العملية الدامية. لكنّ محققين سودانيين من النيابة العامة والمجلس العسكري الحاكم أعلنوا السبت مقتل 87 شخصا بين يومي 3 و10 حزيران/يونيو بينهم 17 شخصا في ساحة الاعتصام يوم فضه. نتائج التحقيق "مرفوضة" وأعلنت لجنة التحقيق أنّ عناصر من قوات الأمن بينهم جنرال في قوات الدعم السريع شاركوا في العملية الدامية لفض الاعتصام، بدون أن يتلقوا أوامر رسمية بذلك. وأعلن رئيس فريق التحقيق فتح الرحمن سعيد أنّ التحقيقات أظهرت أنّ ثمانية ضباط تورطوا في الحملة الأمنية الدامية، ويواجهون اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. لكن قادة الاحتجاجات شككوا في نتائج التحقيق، وجددوا مطالبتهم بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة لا تضم ممثلين للاجهزة الامنية. ويصر المحتجون على رفض نتائج التحقيق "بالكامل". وقال تجمع المهنيين في بيان السبت إنّ "اللجنة كُوِّنت بتكليف من المجلس العسكري، وهذا يطعن في نزاهتها مبتدأ لأن المجلس العسكري نفسه متهم في هذه القضية وهو خصم فيها ولا يمكن أن يكون الخصم هو الحكم". وخرجت تظاهرات السبت والأحد في الخرطوم في هذا السياق. وأطلقت الشرطة السودانية الغاز المسيل للدموع الأحد لتفريق عشرات المتظاهرين المطالبين بإجراء تحقيق مستقل في عملية الفض في حي بوري في شرق العاصمة. وأكد المجلس العسكري مرارا على أنّه لم يأمر بفض الاعتصام. والثلاثاء، تستأنف المفاوضات بين الطرفين لتمهيد الطريق لإدارة انتقالية للبلاد المضطربة منذ اندلاع الاحتجاجات في 19 كانون الاول/ديسمبر الفائت. وقال القيادي في حركة الاحتجاج بابكر فيصل الاحد إنّ مباحثات الثلاثاء ستتناول "الحصانة المطلقة" التي يطالب بها جنرالات الجيش و"صلاحيات مجلس السيادة" المشترك و"مظاهر الانتشار العسكري" في مختلف مدن البلاد. ويتألف مجلس السيادة المشترك من 11 عضوا، 6 مدنيين بينهم 5 من قوى الحرية والتغيير و5 عسكريين. وينص الاتفاق الجديد على أن يترأس العسكريون أولا الهيئة الانتقالية ل21 شهراً، على أن تنتقل الرئاسة الى المدنيين ل18 شهرا.