يقول تعالى (لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا)[النساء:7]، أي للذكور من أولاد الرجل الميِّت نصيب من ميراثه، وللإناث منهم نصيب منه، من قليل ما خلَّف بعده وكثيره، نصيبًا مفروضًا، واجبًا معلومًا ومقدّرًا ومُحدّدًا، ولم يرد في آيات المواريث ذكر لتوريث بالتعصيب، ويستند علماء الفرائض في التعصيب بالذكور على رواية موضوعة عن طاووس بن كيسان اليماني (ت: 132)، ورواية بنتي سعد بن ربيع وأمهما وعمهما. ورواية طاووس رواها البخاري في صحيحه عن مسلم بن إبراهيم، عن وهيب، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس: قال رسول اللّه: ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر» [باب ميراث ابن الابن إذا لم يكن في ابن، باب ميراث الجد مع الأب والإخوة]، كما رواه مسلم في صحيحه، والترمذي وأبو داود في سننهما، وهذه الرواية موضوعة للأسباب التالية: أولًا: مخالفته للآية (7) من سورة النساء السابق ذكرها. ثانيًا: نفي ابن عباس وطاووس روايتها، عندما قال له قاربة بن مضرب،،، وهو جالس عنده بمكة:» يا ابن عباس حديث يرويه أهل العراق عنك وطاووس مولاك يرويه: إنّ ما أبقت الفرائض فلأوْلَى عصبة ذكر؟ قال: أمن أهل العراق أنت؟ قلت: نعم، قال: أبلغ من وراءك أنّي أقول: إنّ قول اللّه عزّ وجلّ:(آباؤكُم وأبناؤكُم لا تدرونَ أيُّهم أقربُ لَكُمْ نَفعاً فريضة مِنَ اللّه) وقوله:(أُولُوا الأرحام بَعضُهم أولى بِبَعض في كتابِ اللّه)، وهل هذه إلاّ فريضتان، وهل أبقتا شيئاً؟، ما قلت هذا، ولا طاووس يرويه عليّ، قال قاربة بن مضرب: فلقيت طاووسًا فقال: لا واللّه ما رويت هذا على ابن عباس قط وإنّما الشيطان ألقاه على ألسنتهم». هذا ما رواه أبو طالب الأنباري (هو عبيد اللّه بن أبي زيد أحمد بن يعقوب بن نصر الأنباري. قال النجاشي: شيخ من أصحابنا ثقة في الحديث، عالم به، كان قديمًا من الواقفة توفّي عام 356 [رجال النجاشي برقم 615 طبع بيروت] ثالثًا: يخالف القاعدة الأساسية لآيات المواريث، وهي أنّ الأنثى هي الأساس في احتساب حظوظ الميراث، وأنّ الذكر تابع لها، وحظّه من الميراث يتوقف على عدد الإناث، فكيف يقصي النساء ويحرمهن من الإرث بالتعصيب الذكوري؟ رابعًا: حرمان الإناث من الميراث من الموروثات الجاهلية التي نبذها الإسلام، وأكدّ على أنّ المرأة والرجل سواء في الميراث في قوله تعالى: (للرجالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا) [النساء:7] وهكذا نجد طاووس نفى روايته هذه الرواية عن ابن عباس، وابن عباس نفى روايته لها، فكيف يأخذ بها الفقهاء وعلماء الفرائض، ويحرمون بموجبها إناثًا من الإرث، أو يدخلون ذكورًا شركاء لهن بالتعصيب، فمثلًا: لو خلف الميت بنات وعمومة وعمّات أو بني عم وبنات عم. فيشارك الذكور من هؤلاء دون الإناث البنت في ميراثها من أبيها تعصيبًا لأولى رجل ذكر؟ للحديث صلة.