لطالما كانت مكة تحظى باهتمام كبير من قبل المسلمين في كافة أنحاء العالم، كيف لا، وفيها المسجد الحرام والكعبة المشرفة التي هي قبلة المسلمين وفيها ولد خير الأنام واليها يأتي ضيوف الرحمن من كل مكان للحج والعمرة وهي أحب أرض الله إلى الله ورسوله ومهوى الأفئدة وملتقى الجموع وفيها الأمان والاطمئنان ومضاعفة ثواب الأعمال وقد جعلها الله مثابة للناس وأمناً كما جعلها حرماً آمناً يأوي اليها كل من يطلب الأمن والاستقرار. مؤخراً استضافت مكةالمكرمة قمماً كبرى متنوعة وهي القمة العربية الطارئة والقمة الخليجية الطارئة والقمة الإسلامية العادية وذلك تحت شعار «يداً بيد نحو المستقبل» ويعد انعقاد تلك القمم الثلاث مجتمعة في هذا الوقت من شهر رمضان المبارك حدثاً غير مسبوق في ظل الأوضاع المتوترة بين ايران وأمريكا، كما جاءت تلك القمم تواصلاً لجهود المملكة العربية السعودية في توحيد الصف العربي والإسلامي ومناقشة مستجدات وقضايا الأمة بهدف مكافحة الإرهاب وفي مقدمته الإرهاب الإيراني ووقف تدخلاته في دول المنطقة وتعزيز الأمن والاستقرار والتضامن العربي والإسلامي والتصدي للمخاطر والتحديات وإيجاد الحلول للعديد من القضايا في العالم العربي والإسلامي والتي خلفتها فوضى ما يسمى بالربيع العربي وأدت إلى تدخلات دولية وإقليمية أثَّرت سلباً على المنطقة العربية بوجه عام. لقد دأبت المملكة العربية السعودية على تطوير العمل العربي المشترك وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، فما أجمل أن نرى قادة العالم العربي والإسلامي مجتمعين في أطهر بقاع الأرض وفي أفضل ليالي العام ليناقشوا قضاياهم وليعملوا مع بعضهم البعض من أجل التشاور والتنسيق وتوحيد المواقف في مواجهة مخاطر التطرف والإرهاب والذي أصبح يهدد كافة المجتمعات، والتعاون الأمني للخروج بموقف سياسي وعربي موحد ضد تهديدات النظام الإيراني وعبثه في المنطقة. احتضان مكةالمكرمة لتلك القمم الكبرى فيه دلالة وتأكيد على ضرورة مواجهة التمدد الإيراني والتهديدات التي تقوم بها إيران في المنطقة والعمل على تعميق عزلة ذلك النظام في الوقت الذي يتوافد قادة العالم إلى مكة (أرض القمم)، مع التأكيد بأن المملكة إنما هي البوصلة الرئيسة والتي تلجأ اليها دول المنطقة والعالم العربي والإسلامي للتنسيق والتشاور وتوحيد الصف لما لها من تأثير وثقل سياسي واقتصادي على المستوى الدولي والإقليمي إضافة إلى دورها البارز في إيجاد التحالفات والتنسيق مع قادة العالم لمواجهة كافة التحديات والتهديدات التي تتعرض لها المنطقة.