أواصل الحديث عن ضعف جميع الأحاديث الواردة عن قوله -صلَّى الله عليه وسلم- (لو كنتُ آمراً أحدًا أن يسجد لأحد لأمرتُ المرأة أن تسجد لزوجها).. والتي منها: أولًا: حدَّثنا عمرو بن عوْن، أخبرنا إسحاق بن يوسف عن شريك، عن حصين، عن الشعبي، عن قيس بن سعد، قال: «أتيت الحيرة فرأيتهم يسجدون لمرزبان لهم، فقلت: رسول الله أحق أنْ يُسجد له، قال: فأتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم، فقلتُ إنَّي أتيْت الحيرة فرأيتهم يسجدون لمرزبان لهم، فأنت يا رسول الله أحق أن نسجد لك، قال: «أرأيت لو مررت بقبري أكنت تسجد له؟ قال، قلت: لا، قال: «لو كنتُ آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرتُ النساء أن يسجدن لأزواجهن لما جعل الله لهم عليهن من الحق».. (محمد بن ناصر الألباني: ضعيف سنن أبي داود، باب في حق الزوج على المرأة حديث رقم (2140)، ص210).. قال الألباني: «صحيح دون جملة القبر» ضعيف الجامع الصغير 4842، الإرواء 1998، مشكاة المصابيح 3266. (محمد ناصر الألباني: ضعيف سنن أبي داود، باب في حق الزوج على الزوجة، ص 210، الطبعة الأولى 1412ه - 1991م، المكتب الإسلامي، الرياض). وهنا أسأل كيف يجتزئ الشيخ الألباني الحديث، ويعتبره صحيحًا باستثناء جملة القبر؟.. فالصحيح: صحيح كله، والضعيف ضعيف كله، وهل يُعقل أن صحابيًا يرى قومًا يسجدون لغير الله، فيقرّهم على المبدأ، ويقول عليه الصلاة والسلام: الزوج أحق بالسجود له؟. ثانيًا: جاء في المستدرك أيضًا عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: جاءت امرأة إلى رسول الله، فقالت: يا رسول الله، أنا فلانة بنت فلان، قال: «قد عرفتك، فما حاجتك؟ قالت: حاجتي إلى ابن عمي فلان العابد، قال رسول الله قد عرفته»، قالت: يخطبني، فأخبرني ما حق الزوج على الزوجة، فإن كان شيئًا أطيقه تزوجته، وإن لم أطق لا أتزوج، قال: «من حق الزوج على الزوجة، أنّ لو سالت منخراه دمًا، وقيحًا، وصديدًا، فلحسته بلسانها ما أدت حقه، لو كان ينبغي لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، إذا دخل عليها لما فضله الله عليها» قالت: والذي بعثك بالحق لا أتزوج ما بقيت في الدنيا». هذا الحديث من حيث المتن لا يتفق مع ما جاء به الإسلام: فالإسلام حرَّم الدم يُوضِّح هذا قوله تعالى: (حُرّمت عليكم الميتة والدم).. والقيح والصديد فيهما ضرر كبير، فكيف تلحسه المرأة لكونه من زوجها، والإسلام مبني على قاعدة «لا ضرر ولا ضرار».. ولم يفضل الله الزوج على الزوجة، لقوله تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف). وقوله: (هُنَّ لباسٌ لكم وأنتم لباسٌ لهن). ثالثًا: أبوبكر بن أبي شيبة ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عن عائشة، أن رسول الله قال: «لو أمرت أحدًا أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، ولو أن رجلًا أمر امرأة أن تنقل من جبلٍ أحمر إلى جبلٍ أسود، ومن جبلٍ أسود إلى جبلٍ أحمر، لكان نولها أن تفعل. وعن عائشة أنَّ رسول الله عليه الصلاة والسلام كان في نفرٍ من المهاجرين والأنصار، فجاء بعير فسجد له فقال أصحابه: يا رسول الله تسجد لك البهائم والشجر، فنحن أحق أن نسجد لك، قال: اعبدوا ربكم وأكرموا أخاكم، ولو كنت آمراً أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، ولو أمرها أن تنقل من جبلٍ أصفر إلى جبلٍ أسود، ومن جبلٍ أسود إلى جبلٍ أبيض كان ينبغي لها أن تفعل» قلت روى ابن ماجه بعضه بغير سياقه رواه أحمد وفيه على بن زيد وحديثه حسن وقد ضعف. وهكذا نجد أنّ الأحاديث الواردة عن سجود الزوجة لزوجها كلها غير صحيحة، فكيف يقر معدّو مناهجنا أحاديث ضعيفة وموضوعة؟!.