ما زالت الأسرة الدولية منقسمة بشأن هجوم قوات المشير خليفة حفتر على العاصمة الليبية طرابلس مقر حكومة الوفاق الوطني، التي استهدفتها مساء أمس الثلاثاء صواريخ أسفرت عن سقوط ستة قتلى. وذكر دبلوماسيون في الأممالمتحدة أن مشروع قرار حول ليبيا عرضته بريطانيا على الدول ال14 الأخرى الأعضاء في مجلس الأمن الدولي ويطالب بوقف لإطلاق النار والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى مناطق القتال بالقرب من طرابلس بلا شروط، لم يلق إجماعًا بعد. ومنذ بدء عمليتها في الرابع من أبريل، تراوح القوات الموالية للمشير حفتر رجل الشرق القوي، مكانها في جنوب العاصمة وإن كانت تعلن اختراقات يوميا. وأسفرت المعارك عن سقوط 174 قتيلا على الأقل و816 جريحا ونزوح 18 ألف شخص خلال أسبوعين، بحسب الأممالمتحدة. وبينما كان مجلس الأمن يعقد اجتماعًا مساء الثلاثاء في نيويورك، استهدفت العاصمة الليبية صواريخ هزت وسط المدينة. وقالت فرق الإنقاذ إن ستة أشخاص بينهم ثلاث نساء قتلوا وجرح 11 آخرون في حيي أبو سليم والانتصار السكنيين في جنوب العاصمة. وأكد رئيس بلدية حي أبو سليم عبد الرحمن الحمدي حصيلة القتلى، موضحا أن 35 شخصا آخرين جرحوا. وكانت حصيلة سابقة لفرق الإسعاف تحدثت عن سقوط ثلاثة قتلى وثمانية جرحى. وتفقد رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دوليًّا فايز السرّاج المكان ليل الثلاثاء الأربعاء. وفي تسجيل فيديو بثه مكتبه الإعلامي، دان السراج "وحشية وبربرية" المشير حفتر واتهمه بأنه "مجرم حرب". وأضاف "سيتم تقديم كافة المستندات للمحكمة الجنائية الدولية" بشأن ارتكاب قوات حفتر "جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية". وتابع السراج "نحمّل مجلس الأمن والمجتمع الدولي المسؤولية القانونية والإنسانية لمحاسبة هذا المجرم على فعله". لكن "القيادة العامة" لقوات حفتر التي تطلق على نفسها اسم "الجيش الوطني الليبي" نفت وقوفها وراء إطلاق الصواريخ وأكدت إدانتها هذه "الأعمال الإرهابية". واتهمت في بيان "الميليشيات الإرهابية التي تسيطر على العاصمة بالرماية العشوائية بصواريخ غراد والراجمات على ضواحي المدينة". ومن لاهاي، قالت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسوده الثلاثاء "لن أتردد بالتوسّع في تحقيقاتي وفي الملاحقات القضائية المحتملة بشأن وقوع أي حالة جديدة من الجرائم الواقعة ضمن اختصاص المحكمة". وأكدت في بيان "لا يختبرنّ أحد (مدى) تصميمي في هذا الإطار". ومع استمرار المشاورات في نيويورك الأربعاء، صرح نائب المبعوث الروسي في الأممالمتحدة ديمتري بوليانسكي للصحافيين "يجب أن تكون لدينا وثيقة جيدة" إلا أنه رفض الكشف عن تفاصيل حول نقاط الخلاف. وردا على سؤال حول ما إذا كان من الممكن تبني مسودة القرار هذا الأسبوع، قال "هذا يعتمد عليهم وليس علينا" دون الكشف عن تفاصيل. وكان دبلوماسي في الأممالمتحدة صرح إن روسيا التي عرقلت الأسبوع الماضي مشروع بيان يدعو "الجيش الوطني الليبي" إلى وقف هجومه، ما زالت تعترض على العبارات التي تنتقد حفتر. وحتى الآن لا يريد المشير حفتر الحديث عن أي وقف لإطلاق النار. أما السراج، فيرفض مسبقا أي عملية سياسية قبل وقف لإطلاق النار وانسحاب إلى خطوط ما قبل بدء الهجوم. وقال دبلوماسي إنها "مواقف لا يمكن التوفيق بينها". وذكر دبلوماسي آخر أنه في مجلس الأمن "الجميع يريدون تجنب حرب أهلية بعدد كبير من الضحايا المدنيين". ومع انزلاق الوضع على كل الجبهات الذي يلوح في الأفق، يلوح خطر سعي الأطراف المتحاربة إلى التسلح مجددا من داعميها لإحداث فرق على الأرض. ويسعى "الجيش الوطني الليبي" إلى جعل هجومه شرعيا بوصفه بأنه "حرب على الإرهاب". إلى ذلك، أعرب مسؤول في الخارجية الفرنسية في تصريحات ل"العربية" عن قلقهم من مساهمة مجموعات إرهابية في معركة طرابلس. وأقر المسؤول الفرنسي بمساهمة المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي الحاسمة بقتال بتنظيم داعش. وتسعى بريطانيا لإصدار قرار تحت الفصل السابع في مجلس الأمن حول ليبيا، يطالب ب"وقف التصعيد فورًا" والتزام وقف النار في ليبيا، مع العودة إلى الحوار السياسي الذي ترعاه الأممالمتحدة.