كل الصور والمشاهد التي كانت تنقل لنا حية من نيوزيلندا أثناء تشييع شهداء المسجدين كانت تثير فينا شيئًا من الارتياح رغم ألم وحزن المناسبة.. ***** .. رائع هذا الاصطفاف الإنساني غداة التشييع، والرائع ارتداء النساء للحجاب استجابة لدعوة: «الحجاب من أجل الوئام».. والرائع أن ترتدي رئيسة وزراء نيوزيلندا «ارديرن» الحجاب وهي تتقدم المسلمين ثم تستفتح خطابها بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم....» ثم تختم: «نيوزلندا تنعي معك.. نحن واحد»..! ***** .. أما الأروع والأكثر جمالاً فهو أن يصدح الأذان ليس في ساحة «كرايستشرش» ولكن في الإذاعة والتلفاز ليتردد صداه في نيوزيلندا وكافة أرجاء العالم التي كانت تتابع الحدث.. ***** .. وزاد الروعة روعة الشاب الأسترالي «ويل كونولي» وهو يكسر على رأس مواطنه السيناتور «فرايز انينغ» البيضة أثناء إدلائه بتصريحات عنصرية ضد المسلمين بعد هجوم نيوزيلندا.. ***** .. ثم تكللت مشاهد الجمال بكل تلك التشاطرات الإنسانية من جميع دول العالم مع أسر الضحايا وشجبت الحدث باعتباره إرهابًا لا دين له ولا لون ولا عرق.. وهذا يحدث -ربما للوهلة الأولى- بعد أن كنا في كل مرة نحن المدانين في كل عمل إرهابي..!! ***** .. وتبادر إلى ذهني في حصاد تلك المشاهد سؤال: «هل يمكن أن يعم السلام العالم»؟! ***** .. في اعتقادي أنه بالإمكان إحداث الكثير من التقارب بين الكيانات البشرية إذا ما آمنا «بالحقيقة الإنسانية» في أن من يقف أمامك أو إلى جوارك هو نظير لك في الخلق أو أخ لك في الدين.. ***** .. ولذلك فمكمن مشكلتنا الحقيقية هو في اليمين المتطرف الذي يعادي العرقيات والأديان.. وبالتالي فاللاجئون والمهاجرون (أيًا كانوا) -وإن كان المسلمون الأكثر- ضحايا لخطاب الكراهية والعنصرية والعنف.. ***** .. ولو تلاقينا «إنسانيًا» ربما تلاشى الكثير من مظاهر التأجيج والعداء.. ***** .. «ويل كونولي» بعد إلقاء البيضة على رأس السناتور غرد قائلاً: «شعرت بالفخر في هذه اللحظة كوني (إنساناً)».. ***** .. ردود الأفعال الغاضبة من كل شعوب العالم عبر مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت تعاطفًا إنسانيًا غير مسبوق.. ***** .. الصحف النيوزيلندية عنونت صفحاتها الأولى بعبارات السلام وصاغت نشراتها بأسلوب إنساني لافت.. ***** .. المؤسف أن اليمين المتطرف في أوروبا وأمريكا هو من يشعل النيران تحت أقدام من يبحث عن السكينة والأمان..!! ***** .. والمؤسف أن خطاب الكراهية الذي أفرزه هذا اليمين بلغ في السنوات الأخيرة معدلات لم يبلغها منذ عهد هتلر..!!