أودعت دارة الملك عبدالعزيز نسختين من إصدارها "الأطلس المصور لمكةالمكرمة والمشاعر المقدسة" ، في المتحف البريطاني ومكتبة الكونجرس الأمريكية، ليكون مرجعاً للعلماء والباحثين المهتمين بهذا الشأن عن حقبة زمنية شهدتها الديار المقدسة قاربت ال 1000 عام. ويعد هذا الإصدار أحد الأعمال اللافتة لنشاط الدارة في الاهتمام بتاريخ الحرمين الشريفين ومكةالمكرمة والمدينة المنورة ضمن اهتمام الدولة بتطوير خدماتها المقدمة لزوار المدينتين المقدستين، ودعمها لحركة البحث العلمي حولهما خاصة وأن الكتاب يقدم صوراً ورسومات موثقة بالتاريخ وأسماء مصوريها ورسّاميها، وأشكالاً، وشواهد تاريخية كتبها رحّالة مسلمون من العرب ومن الأجانب عن المعالم في مهبط الوحي والأماكن المقدسة تعود إلى القرن الخامس حتى النصف الأول من القرن الخامس عشر الهجري، وجاء الإصدار بطبعتين باللغة العربية وباللغة الإنجليزية . وشكل هذا الإصدار بصمة بحثية لدارة الملك عبدالعزيز عالية الجودة علمياً وفنياً، جمع بين دفتيه 325 صفحة لتكون أمام القارئ المتخصص والعام في العالم الإسلامي عبر رصدها التوثيقي بالصورة أولاً ثم بالكلمة لتاريخ مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة. وتعمل دارة الملك عبدالعزيز على دعم مثل هذه الإنجازات التي تخدم التاريخ الإسلامي بصفة عامة وتاريخ العاصمة المقدسة بصفة خاصة، وذلك لخدمة العلماء والباحثين والمهتمين بالمراجع التاريخية عن تاريخ المسلمين، بإتاحة هذا الإصدار إلكترونيًّا من خلال موقع الدارة، وعرضه في كل المعارض المختصة بالكتب ومنها معرض الرياض الدولي للكتاب الحالي. ولعل أضخم مشروعين تحت التنفيذ في إطار اهتمام الدارة بالتاريخ الإسلامي هما مشروع تاريخ الحج والحرمين الشريفين، والأطلس التاريخي للسيرة النبوية اللذين يمران بمرحلتيهما الأخيرتين. وتضمن الإصدار الذي عكف على تأليفه الدكتور معراج نواب مرزا، والدكتور عبدالله صالح شاوش على ستة أبواب يتحدث الباب الأول عن "مكةالمكرمة في أعين الرسامين المسلمين"، والباب الثاني عن "مكةالمكرمة في أعين الرسامين الغربيين"، والباب الثالث حول "أوائل الصور الفوتوغرافية لمكةالمكرمة"، ويتحدث الباب الرابع عن "صور لمكةالمكرمة من أوائل القرن الرابع عشر الهجري"، واشتمل الباب الخامس على "المسجد الحرام ومكةالمكرمة في عهد الملك عبدالعزيز آل سعود"، والباب السادس على "المسجد الحرام ومكةالمكرمة في عهد أبناء الملك عبدالعزيز" ووثق الكتاب حتى عهد الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله ، إضافة إلى أن الإصدار اشتمل على ملحق تاريخي عن تطور التصوير الفوتوغرافي منذ فكرة " الغرفة المظلمة" التي عرفها أرسطو وطورها العالم المسلم ابن الهيثم وطبقها الإيطالي دافينشي وحتى ظهور " الأفلام الجافة" التي تطورت إلى الكاميرات الرقمية في 1991م. ونال هذا الأطلس سبقا في ضم أوائل الرسومات والصور بالأبيض والأسود والملونة للأماكن المقدسة في مكة التي التقطها المصورون المكيون وأيضا الرحالة الحجاج من المسلمين من دول العالم كافة وشعوبها، ما يعد سجلا تاريخيا رافدا للبحث العلمي المكتبي لا غنى عنه خصوصا أنه أيضا يذكر بإرث فوتوغرافي عن مكةالمكرمة والأماكن المقدسة موجود الآن في المتاحف والمؤسسات العلمية الغربية، كما ضم الإنشاءات الأولى للخدمات التي قدمتها الدولة السعودية الحديثة منذ عهد الملك عبدالعزيز بإحصاءاتها وصورها الفوتوغرافية مثل تعبيد طرق المواصلات المؤدية لمكةالمكرمة، وتعددها ودعم الخدمات وتطويرها مثل تطوير تقديم المياه للحجاج والمعتمرين، وإضاءة المسجد الحرام، ورصف وسقف المسعى، و صناعة كسوة الكعبة المشرفة وبابها، وإنشاء ساعة مكةالمكرمة بدل المزولة وغيرها من الأمور التي تعد حينها طفرة نوعية في رعاية زوار مكةالمكرمة والاهتمام بهم على مدى العام. وجسّد الإصدار اهتمام المسلمين بالحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة من الناحية الدينية والتوثيقية منذ فجر الإسلام، فقد حاول الكثير من المسلمين منذ القرن السادس الهجري إعطاء تصور لرفاقهم في بلدانهم لشكل المسجد الحرام والمشاعر المقدسة لحفزهم على أداء فريضة الحج، كل حسب وسائله الفنية وإمكاناته المتاحة، ومن ثم تم رصد كثير من التطورات التي شهدها المسجد الحرام والمشاعر عبر التاريخ عن طريق الرسم اليدوي، حتى دخول عهد التصوير الفوتوغرافي وتوفر وسائله للرحالة والمسافرين، فظهرت أول مجموعة من الصور عام 1297ه / 1880م، ثم توالى المصورون المختلفون، واتسع نطاق نشر الكتب والمجلات التي تضم الصور الفوتوغرافية.