التعليم في بعض دول العالم يقوم على مبدأ التعليم من أجل العمل، وإلى زمن قريب كانت كثير من الأعمال تعتمد بشكل رئيسي على مخرجات المؤسسات التعليمية، ومع التطور والتقدم المتسارع في مجال العلوم والتقنية أصبحت الحاجة أكثر إلحاحاً لمواصلة هذا النهج مما حدا ببعض تلك المؤسسات التعليمية أن تأخذ بعين الاعتبار التطور الحاصل في مجال العلوم والتقنية والتدريب والعمل على جعل كافة إمكاناتها الأكاديمية مراكز للتأهيل للعمل المستقبلي. هناك سباق اليوم بين العديد من الوزارات لمواكبة رؤية المملكة 2030 والتي من ضمن المبادىء التي تقوم عليها مبدأ أن (نتعلم لنعمل) وأن تكون مهارات وقدرات أبناء الوطن في مقدمة موارد الدولة وأكثرها قيمة وأن يتم السعي لتحقيق الاستفادة القصوى من طاقاتهم، إضافة إلى مواصلة الاستثمار في التعليم والتدريب وتزويد أبناء الوطن بالمعارف والمهارات اللازمة لوظائف المستقبل، ومواءمة مخرجات المنظومة التعليمية مع احتياجات سوق العمل. وقد أكد معالي وزير التعليم الأسبق الدكتور أحمد العيسى في كلمة له في إحدى المناسبات أهمية «إعادة هندسة التعليم ليسهم في دفع عجلة الاقتصاد وليسد الفجوة بين المخرجات التعليمية وسوق العمل»، وأكد أهمية النوعية في المخرجات الجامعية قبل الاهتمام بالكمية سواء من حيث أعداد الخريجين أو أعداد الجامعات. قضية الفجوة بين المخرجات التعليمية وسوق العمل هي من أهم القضايا التي تتردد في كثير من المنتديات، وبالرغم من أن بعض الأكاديميين بل وحتى بعض مدراء الجامعات كانوا ولازالوا يؤكدون بأن مسؤولية الجامعات هي التعليم فإن العديد من المسؤولين يؤكدون أيضاً أهمية أن يضاف إلى مسؤولية الجامعات كجهات تعليمية أن تتوافق مخرجاتها مع احتياجات سوق العمل مما حدا بأحد أشهر رؤساء التحرير أن يقترح في ندوة له عقدت مؤخراً في الرياض ونشرت بعض وسائل الإعلام مطالبته بإغلاق أقسام الإعلام مما أثار حفيظة الأكاديميين والإعلاميين. قضية المطالبة بإغلاق بعض الأقسام في بعض الجامعات لا تقتصر على أقسام الإعلام فقط بل يجب أن تكون هناك رؤية واضحة وشاملة لجميع المؤسسات التعليمية سواء كانت جامعات أو كليات أو معاهد وذلك عن الدور الأساسي المطلوب منهم لسد الثغرة بين ما يقدمونه من مخرجات كمية من الطلبة والطالبات وبين احتياجات سوق العمل الفعلية، وأثر ذلك على معدلات البطالة بشكل عام، فهل دور تلك الجهات والمؤسسات التعليمية هو التعليم فقط بغض النظر أن يكونوا عاملاً رئيسياً في زيادة معدلات البطالة من خلال مايقدمونه من خريجين وخريجات في تخصصات لايحتاج إليها سوق العمل ومستوى علمي لايتوافق مع طموحاتها؟.