لا يزال الموقفُ حاضراً أمام عيني بكل تفاصيلهِ البغيضة رغم مرور العديد من الأيام على سماعي لهذه الجملة التي هزت كياني ومشاعري ونفضت جوارحي من رجل كبير صاحب منصبٍ وجاه لرجل بشرته سمراء داكنة، دار بينهما حوار محتدم فنعتهُ ب»الأسود» وأنه ليس له أصل ولا نسب. جال في خاطري الكثير من الأفكار قبل أن أنطق بكلمةٍ واحدة وتساءلت عن حال هذا الشاب، كيف به لو حدث هذا الموقف قبل ظهور الإسلام مع شخص بنفس طباع هذا الغليظ لابد أن مصيره الآن مربوط في جذع نخلة ويجلد بالسوط على ظهره حتى يشفع له صاحبٌ أو يموت بسبب فعلته التي لا تذكر. جاء الإسلام ليحطم هذه الأخلاق والعادات الذميمة، مؤكداً على أن الناس سواسية كأسنان المشط وأنه لا فضل بين عربي وأعجمي ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى، كانت مقاصد الشريعة الإسلامية واضحة وصريحة نبذُ كل خُلقٍ وتصرف ينافي الإنسانية ويجرح الآخر بل أنه حثّ على التعايش والتناغم حتى مع اليهود والنصارى وتقبل الآخر مهما كان الاختلاف بين الطرفين، وأكد على روح الإخاء بين المسلمين بعضهم البعض دون التفرقة بين الأنساب والأجناس، ونجح في ذلك ووحد الصف حتى في العبادات اليومية كانت الرسالة واضحة جلية «القدم في القدم والكتف في الكتف يستوي الصف». وتُبنى المجتمعات القوية وتكون رائدة وصاحبة رأي وحُكم عندما تتخلص من العادات السيئة والأمور المشينة سواء كانت في الجانب الأخلاقي أو الاجتماعي ومن أبرز هذه الأمور والتي تعد ركنًا أساسيًا في بناء أمة قوية هي نبذُ العنصرية والتفرقة بين جميع أبنائها والعيش في نسيج واحد مهما كان هناك من اختلاف بين الطبقات والأجناس.