بالورود استقبلت الهند، أمس ضيفها الكبير صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع في المحطة الثانية التي ستشمل الصين، وكان رئيس الوزراء الهندي ناريندار مودي في مقدمة مستقبلي سمو ولي العهد، قبيل انعقد المباحثات الرسمية التي ستشمل تعزيز العلاقات الراسخة بين البلدين، والتي أُسِّست منذ أكثر من ثمانية عقود، مع واحدة من أهم بلدان القارة الآسيوية، ومع اقتصاد يُعد سابع أكبر اقتصاد في العالم، وتكتسب زيارة الهند أهمية خاصة، فالبلدان عضوان في مجموعة العشرين، ويجمعهما إرث كبير من المشتركات الاقتصادية والتجارية والثقافية والتاريخية. وستعد الزيارة كذلك، فرصة لجذب الاستثمار الهندي للمملكة من خلال رؤية 2030 والمشروعات الكبرى، وكذلك تعزيز وتنسيق المواقف في القضايا المالية والتنموية في مجموعة العشرين والبنك والصندوق الدولي، يُذكر أن الهند تعتبر أحد الأسواق الاقتصادية المهمة للسعودية، في مجالات النفط والطاقة المتجددة، ومن ثم ستعمل الزيارة على تعزيز تلك المجالات وتنميتها، وإمكانية زيادة تزويد الهند باحتياجاته من النفط، وإضافة لذلك سيكون للزيارة، انعكاس مهم على اقتصاد الدولتين، فالهند تعتبر سابع أكبر سوق للصادرات السعودية، والسعودية هي أكبر مصدر للنفط إلى الهند، ويرى المراقبون أن الفرصة متاحة خلال الزيارة في تطوير التعاون العسكري بين البلدين والاستثمار المشترك في الصناعات العسكرية والنظر في تلبية احتياج الجانب الهندي في الصناعات العسكرية السعودية. وينتظر أن يضع مجلس التنسيق السعودي الهندي، التعاون بين البلدين في كافة المجالات تحت مظلة مؤسساتية تحقق مصلحة البلدين الصديقين. إرث تاريخي وابعاد إستراتيجية ترتكز العلاقات الهندية السعودية على إرث تاريخي ومصالح مشتركة ساهمت في تشكيل روابط اقتصادية واجتماعية وثقافية، بدأت بالتبادل التجاري والتي يرجع تاريخه إلى عدة قرون، بينما تشكلت العلاقات الثنائية في العصر الحديث بعد استقلال الهند عام 1947، عندما دشنها الملك فيصل – رحمه الله – عندما كان وليا للعهد وزيرا للخارجية كأول مسؤول سعودي يزور العاصمة الهنديةنيودلهي في عام 1955م، ومنذ ذلك الحين انخرط البلدان في تأسيس مجالات التعاون المشترك على أعلى المستويات وفي جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتبادل التجاري والروابط الثقافية يشهد عليها إقامة أكثر من 2 مليون عامل هندي في المملكة وزيارة سنوية لأكثر من 170.000 هندي لأداء مناسك الحج. تدشين العلاقات الثنائية وضع الملك فيصل بن عبدالعزيز اللبنة الأولى في العلاقات الدبلوماسية بين السعودية والهند، عندما قام بزيارة رسمية إلى العاصمة الهنديةنيودلهي، ويمهد لأول زيارة ملكية قام بها الملك سعود بن عبدالعزيز – رحمه الله - في عام 1956م لتفتح أفاق التعاون الثنائي في شتى المجالات، وجاءت زيارة الزعيم الهندي لال نهرو إلى المملكة في نفس العام لتؤكد على أهمية التعاون الاقتصادي والتجاري وتقوية الروابط الثقافية بين الشعبين السعودي والهندي. زيارة تاريخية للملك عبدالله في عام 2006 قام الملك عبدالله بن عبدالعزيز – رحمه الله – بزيارة تاريخية إلى الهند وقع خلالها الملك عبدالله وثيقة «إعلان نيودلهي» مع رئيس وزراء الهند مانموهان سينج، والتي كانت بمثابة نقطة تحول في العلاقات الثنائية من مرحلة التعاون والصداقة إلى مرحلة الشراكة الاستراتيجية، وبعدها وقع رئيس وزراء الهند مانموهان سينج وثيقة «إعلان الرياض» عام 2010 لتفتح آفاقا جديدة للعلاقات على جميع المستويات. زيارتي الملك سلمان للهند ساهمت زيارات الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله - عام 2010 عندما كان أميرا لمنطقة الرياض، وزيارته الثانية عام 2014 عندما كان وليا للعهد ونائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للدفاع، في إعطاء دفعة قوية للعلاقات بين البلدين والتأكيد على أهمية توطيد شراكتهما الإستراتيجة، بالإضافة إلى زيارة دولة رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي للمملكة في 2016 لتوطيد الصداقة والشراكة، وتمنح قوة وحيوية جديدة للعلاقات الثنائية المميزة بين البلدين. علاقات اقتصادية وتبادل تجاري ترتبط السعودية بعلاقات اقتصادية حيوية مع الهند من خلال اعتماد الهند في جزء كبير من وارداتها البترولية على إنتاج السعودية، لأنها تحصل على أكثر من 30 في المائة من حاجاتها البترولية من المملكة. فيما تجاوز حجم التبادل التجاري الثنائية نحو 43 مليار دولار في عام 2013، ويغطي مجموعة واسعة من القطاعات بما في ذلك خدمات الإدارة والاستشارات، ومشروعات البناء، والاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات، والمستحضرات الصيدلانية، كما تحول الوجود الهندي من مجرد قوى عاملة بلغت 2 مليون عامل مقيم بالمملكة إلى شركات ومؤسسات هندية تتعاون مع الشركات الوطنية وتتنافس مع كبريات الشركات العالمية في تقديم الخدمات الهندسية والاستشارية. بما في ذلك هناك نحو 500 مشروع مشترك، ولا سيما مشروعات الطاقة». روابط ثقافية واجتماعية يجمع بين المملكة والهند طيف واسع من المصالح المشتركة، وتلعب شراكتنا الاقتصادية دورا رئيسيا في علاقتنا، فالهند تعد أحد أهم الشركاء التجاريين للمملكة، والمملكة رابع أكبر شريك تجاري للهند، حيث يوجد للشركات الهندية حضور قوي في السوق السعودية، وهي تعمل في مجالات الطاقة وتكنولوجيا المعلومات والصناعات التحويلية ومشروعات البنية التحتية. أما أهم دعائم العلاقات السعودية الهندية هو البعد الإنساني حيث يعيش في المملكة حوالي 3.2 ملايين هندي، يمثلون أكبر جالية هندية في الخارج، ويساهمون في مشروعات التنمية في المملكة ودعم الاقتصاد الهندي، بينما يزور المملكة سنويا 170 ألف هندي لأداء فريضة الحاج، وهو إن دل فإنما يدل على التقارب بين البلدين والصداقة بين الشعبين.