بين الفينة والأخرى يصعِّد أردوغان من هجومه على السعودية من خلال قضية جمال خاشقجي -يرحمه الله- وهو مواطن سعودي ارتكبت بحقه جريمة من قبل مواطنين سعوديين، وعلى أرض سعودية (قنصلية المملكة)، ومن قاموا بهذا الفعل تم اعتقالهم ومازالوا في يد العدالة السعودية. والسؤال هو لماذا أردوغان يستخدم قضية خاشقجي للإساءة لدولة تربطها ببلاده علاقات قوية ومتينة عبرعقود طويلة، حيث تقف المملكة مع تركيا دائماً في السراء والضراء؟!. حاولت أن أجد مبرراً لهذه الإساءة فلم أجد مبرراً واحداً كي يجعل أردوغان من قضية مواطن سعودي، مثله مثل أي مواطن سعودي آخر، مجالاً خصباً للإساءة لبلد كان أحد مواطنيه (أكمل الدين إحسان أوغلو) مسؤولاً فيه عن منظمة التعاون الإسلامي، والتي مقرها جدة وتضم 57 دولة إسلامية!. لماذا أردوغان لا يرسل وزير خارجيته إلى المملكة عبر الطرق الدبلوماسية المعتادة ليقول لنا ماذا يريد بالضبط من إثارة موضوع مواطن سعودي؟!. السيد أردوغان يُعرِّض أمننا الوطني على حدودنا الشرقية للخطر وذلك بوضع قاعدة عسكرية تركية في بلد خليجي لديه خلافات مع دول خليجية وعربية، ولم تقم السعودية بإثارة هذا الموضوع الخطير للغاية -وهو أكبر بحجمه من موضوع خاشقجي يرحمه الله- الذي يهدد أمنها الوطني، لم تقم بإثارته في المحافل الدولية، وعلى وجه الخصوص مجلس الأمن المعني بالسلم والأمن العالميين. السيد أردوغان قام باختطاف مواطنه عبدالله أوجلان واعتقاله بقوة كوماندوز أتراك من سفارة اليونان في نيروبيبكينيا، وترحيله على طائرة خاصة معصوب العينين، مكبل اليدين والرجلين بكرسي الطائرة التي يجلس عليها، منتهكاً بذلك سيادة دولة كينيا، ومنتهكاً سيادة اليونان وسفارتها، ومنتهكاً بذلك الأعراف الدبلوماسية التي تجرِّم مثل هذه الأفعال، ومع ذلك لم تقم المملكة بإثارة هذه القضية بين الفينة والأخرى مثلما يفعل أردوغان الآن!، كون الزعيم الكردي عبدالله أوجلان مواطناً تركياً لا شأن للسعودية فيه لا من قريب ولا من بعيد، إضافة إلى أن السعودية منذ تأسيسها لا تتدخل في شؤون الغير. ولكن لنُعد صياغة السؤال ليكون أكثر وضوحاً، هل يريد أردوغان ابتزازنا في قضية مواطن؟! إذا كان هذا هو الهدف فإننا نقول للسيد أردوغان على رسلك فالسعودية دولة عظمى بقيادتها وشعبها ووحدة ترابها، واقتصادها القوي الذي أدخلها مجموعة العشرين الاقتصادية وبذلك فهي "لا" و"لن" تخضع للابتزاز، فالسعودية دونها رجال يقفون بالمرصاد لكل من يحاول النيل من سمعتها أو وحدتها الوطنية. السيد أردوغان سوف أهمس كمواطن سعودي في أذنك، استثمر فيَّ بلدي العظيم بالتعليم في أرقى الجامعات العالمية ولن أخذله على الإطلاق، وأقول لك: ينبغي أن تعرف حجم وقوة ومكانة المملكة العربية السعودية. فالسعودية العظمى ليست دويلة قطر الصغيرة الهامشية، التي هي بحجم أحد أحياء العاصمة الرياض. السعودية تستخدم "الحلم"، والحرص على المحافظة على علاقات متينة مع تركيا.. فهل تتوقف أمام ذلك كله بدلاً من ذلك الابتزاز المكشوف؟.