عام وثلاثة أشهر وبضعة أيام استغرقتها اللجنة العُليا لقضايا الفساد العام منذ تشكيلها بالأمر الملكي رقم (أ/38) بتاريخ 15/2/1439ه، وهي تمضي في تحقيقاتها مستهدية في خطواتها بالموجهات الوضيئة التي أرستها القيادة الرشيدة، مكتسبة أهميتها العظيمة من ترأس سمو ولي العهد لها، لتمضي في سعيها نحو تحقيق العدالة بأقصى احتمالات النزاهة والشفافية، والغاية إحقاق الحق، وقطع دابر الفساد، "كائنًا من كان مقترفه"، وتبرئة من لم يثبت عليه إدانة.. رسائل مضيئة إن الحرص الكبير من قبل القيادة الحكيمة على إدارة هذا الملف بما يتطلبه من دقة في التحري، ونزاهة في البحث، وعزم في الحصول على الحقيقة، وحزم في التعاطي مع نواتج التحقيق، تجلت في الحرص على تمليك المواطنين والرأي العام تفاصيل أعمال اللجنة أولاً بأول منذ اليوم الأول لبدء عملها وحتى انتهاء تحقيقها، وتدوين نتائجها، لتجد التفاعل من قبل كافة قطاعات المجتمع السعودي، والتأييد والتفاعل مع حملة مكافحة الفساد.. مظهرة وعيًا يؤكد حرصها على حقوقها وحقوق الوطن، بما يؤسس لنهضته المقبلة، التي يمثل الفساد حجرة عثرة أمام تحقيق رؤيتها الطموحة، التي تستشرف 2030 بمشروعاتها الخلاقة.. كانت تلك أولى الرسائل التي رافقت عمل اللجنة، لتنضوى تحت هذه الرسالة رسائل مشرقة ومضيئة، كشفت عظمة القيادة، وحرصها على العدل بعيدًا عن أي مظهر من مظاهر التشفي، فمع تشديد توجيهات خادم الحرمين الشريفين وولي العهد بقطع دابر الفساد في البلاد، إلا أن هذا التشديد ظل مسيجًا ومحروسًا بضرورة تحرّي الدقة، فلا إدانة إلا ببينة، وتقدير الحالات قائم على ثلاث موجهات أساسية: * براءة عند انعدام ما يثبت التهمة ويوجب المحاكمة * تسوية في ما يحتمل التسوية ولم يتصل بجريمة جنائية * إحالة للنيابة لاستكمال ترتيبات المحاكمة لمن خالط الفساد بجريمة جنائية وانتفى عنه حق التسوية في ضوء هذه الموجهات، سارت اللجنة في عملها وتحقيقاتها، وكانت محصلة التقرير حسب ما جاء في بيان الديوان الملكي اليوم: - إخلاء سبيل من لم تثبت عليهم تهمة الفساد - إجراء التسوية مع (87) شخصًا بعد إقرارهم بما نسب إليهم وقبولهم للتسوية - إحالة (56) شخصاً إلى النيابة العامة لاستكمال إجراءات التحقيق معهم وفقاً للنظام حيث رفض النائب العام التسوية معهم لوجود قضايا جنائية أخرى عليهم - بلغ عدد من لم يقبل التسوية وتهمة الفساد ثابتة بحقه (8) أشخاص فقط وأُحيلوا كذلك إلى النيابة العامة لمعاملتهم وفق المقتضى النظامي قيم عالية إن هذه الحصيلة تكشف في جوهرها عن قيم عالية، يمكننا إجمالها في الآتي: * استشرف الدولة والقيادة لمرحلة لا مجال فيها لمفسد، ولا مكان فيها لخائن أمانة. * الحرص على العدل والمساواة بين الناس أمام القانون والقضاء، وليس أدل على ذلك من تأكيد القيادة على ضرورة منح كل من لم تتم إدانته أو سوى أوضاعه الفرصة للعودة لممارسة حياته العامة كما كان، قرينًا ذلك بحرص على عدم قبول التسوية في حق آخرين، بما يؤكد أن الغاية ليست تحصيل الأموال المنهوبة من الدولة، وإن بدا ضخمًا في التقرير وقد وصل إلى (400) مليار ريال؛ بل الغاية الأسمى هي الانتصار في الحرب ضد الفساد، تأكيدًا للهدف الأسمى بحماية المال العام. * بالنظر إلى أنه لا توجد حملة ضد الفساد في العالم تعيد من تثبتت برائتهم أو تمت تسوية أوضاعهم إلى ما كانوا عليه، كما حدث في المملكة، فإن ذلك يقف دليلاً دامغًا على أن الدولة لا تنتقم من أبنائها بقدر ما تقوم بدورها في الحفاظ على المال العام. * التأكيد على أن الجهات المختصة السعودية لا تكيل بمكيالين، وترمي إلى أفق يؤسس لدولة العدل والقانون والشفافية * إن أي دولة تنشد التنمية والتطور لابد أن تجتث الفسد من جذوره، وهو عين ما قامته به قيادة المملكة، ماضية بخطوات واثقة نحو تنموية كبيرة ضمن رؤيتها 2030 * إن تأكيد خادم الحرمين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، بعد اطلاعه على التقرير اليوم، على "استمرار الدولة على نهجها في حماية النزاهة ومكافحة الفساد والقضاء عليه، وردع كل من تسول له نفسه العبث بالمال العام والتعدي عليه واستباحة حرمته، وأن على الأجهزة الضبطية والرقابية تعزيز دورها في ممارسة اختصاصاتها؛ بما يضمن الفاعلية وحماية المال العام والمحافظة عليه"، يرسى قيمًا يجب أن نعيها جميعًا، ونعمل على أن تكون حاضرة ونحن نساهم جميعًا في نهضة هذا الوطن المعطاء.