يسعى كل مستثمر في أي قطاع تجاري إلى الربح، أما من يستثمر في التعليم، فبحسبه أن يسلم من الخسارة. تلك مقدمة لابد منها للحديث عن رجال الوطن ونسائه من المخلصين والمخلصات الذين وضعوا أموالهم في خدمة العلم والمتعلمين في بلادهم بإنشاء المؤسسات العلمية رفيعة المستوى. وإذا ذُكرت هذه المؤسسات التعليمية الكبيرة في بلادنا، فلابد من أن تذكر في مقدمتها جامعة العلوم والتكنولوجيا بجدة، التي بُنيت بسواعد وأموال مواطنين صادقين يتقدمهم الدكتور عبدالله دحلان رئيس مجلس الأمناء في الجامعة، الذي نهض بها منذ أن كانت حلماً ثم فكرة ثم كلية، ثم جامعة، أصبحت اليوم ملء السمع والبصر، وقدَّمت لسوق العمل السعودي آلاف العقول المبدعة والأيدي الماهرة المدربة، التي تتلقفها مؤسسات الأعمال الخاصة والعامة دون أي تردد نظراً لعلو أسهم مخرجات هذه الجامعة. لذا لم يكن مستغرباً ما صرَّح به د. دحلان في كلمته المرتجلة الضافية في حفل افتتاح الدورة الخامسة العشرة لملتقى (قراءة النص) الذي نظَّمه النادي الأدبي الثقافي بجدة، حين قال: «إن الجامعة منذ تأسيسها خرّجت آلاف الشباب، وثمانون بالمائة من خريجيها عُيّنوا في وظائف لائقة ومناسبة من قبل أن يتخرجوا، أما العشرون بالمائة الباقون فقد توجَّهوا لإكمال دراساتهم العليا»، ومعنى ذلك أن المستقبل الواعد ينتظر كل من تخرَّج في هذه الجامعة، متخصصين في الإدارة أو الهندسة أو الحاسب أو في أي تخصص آخر من تخصصاتها، وعليه فإن تجربة النجاح الباهرة لهذه الجامعة يجب أن تُعمَّم ويستفاد منها. وقد ظهرت جوانب تميُّز جديدة لعطاءات هذه الجامعة خلال الملتقى النقدي الذي أقامه نادي جدة الأدبي المشار إليه، فقد كانت الجامعة هي الداعم الوحيد لذلك الملتقى الذي رعاه صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل.. ودشّنه سعادة المشرف العام على الشؤون الثقافية بوزارة الإعلام الأستاذ عبدالله بن حسن الكناني، وكان عنوانه في هذه الدورة» «النتاج الأدبي لجيل الشباب في المملكة منذ عام 2000م». واحتفت هذه الدورة بالأديب السعودي عبدالفتاح أبومدين وقدمت فيه أوراق عمل تجاوزت العشرين، قدمها نقاد وأساتذة كبار، وهذا الحدث العلمي والنقدي كان جديراً بأن يلتفت إليه أصحاب الأعمال والأموال، ويُقدِّموا له كل رعاية مادية ومعنوية، وقد كان لجامعة الأعمال والتكنولوجيا قصب السبق والقدَح المُعلَّا في ذلك بقيادة د. دحلان الذي لم يكتفِ بدعم الملتقى لهذه الدورة، بل تعهَّد بدعمه على مدى خمسة عشر عاماً تأتي، وهو أمر غير مسبوق على حدِّ علمي، فلم أسمع طوال معايشتي للمؤتمرات والملتقيات الفكرية والأدبية على مدى عقود عن تعهُّد راعٍ من رجال الأعمال بدعم ملتقى بعينه لعقد ونصف من الزمان، وذلك فضل الله يُؤتيه مَن يشاء، كما وقَّعت الجامعة والنادي اتفاقيات عدة، وأطلقت اسم النادي على إحدى قاعاتها في حرم الجامعة، وجدير ذكر أن الجامعة بقيادة رئيس مجلس أمنائها لم يقتصر دعمها على النادي الأدبي الثقافي فحسب، بل تدعم الثقافة والفنون عامة. وفي الحفل نفسه الذي أعلن فيه دحلان إطلاق اسم النادي على إحدى قاعات الجامعة، أطلق كذلك اسم جمعية الثقافة والفنون على قاعة أخرى بكلية الإعلان، وقد قدَّم سعادة أ.د.عبدالله عويقل السلمي رئيس مجلس إدارة النادي شكره للجامعة والقائمين عليها وفي مقدمتهم د.دحلان على دعمهم غير المحدود للثقافة والفكر والفن. ولم يقتصر دعم د.دحلان لجمعية الثقافة والفنون على تسمية قاعة في الجامعة باسمها، فقد تعهَّد بتحويل مكتب مدير الجمعية، إلى صالون ثقافي يستضيف المثقفين والفنانين، ويتيح المجال للمساهمة في وضع التصورات للبرامج والفعاليات للارتقاء بالمشهد الثقافي، وإطلاق المسابقات والمبادرات، ولعل من أهمها مسابقة الخط العربي العالمية، برعاية سمو الأمير خالد الفيصل، كما تكفَّل د.دحلان بترميم مسرح الجمعية، وتوفير كل المتطلبات اللازمة لذلك، وهو ما أفادني به شخصياً الأستاذ محمد آل صبيح مدير عام الجمعية بجدة. وأقولها مجدداً: إن دعم جامعة الأعمال والتكنولوجيا بجدة للثقافة ومؤسساتها؛ مثلٌ يُحتَذَى في كل مناطق المملكة، ولو حذا أهل الدثور حذوها؛ لوجدنا نقلة حقيقية في الحراك الثقافي والأدبي والفني في بلادنا.