ونحن ندخل من بوابة العام الميلادي الجديد 2019، لدى كُلٌّ مِنَّا هاجس استنطاق المستقبل، مع القناعة التامة بأن العالِم هوَ الله سبحانه وتعالى، وأنه بين عشية وضحاها يُغيِّر الله من حالٍ إلى حال، إلا أن الفضول الإنساني الراسخ في جبلّة البشرية وطبيعتهم الإنسانية، منذ الأزل، ومنذ قدرة الإنسان على استنطاق الأشياء حوله، وهو يحبو، ثم يخطو خطواته الأولى، يلمسها، يتذوَّقها ليتعرَّف عليها، ثم تكبر ملكاته وقدراته، ويكبر هاجس معرفة ماذا يُخبئ غده، هو هذا الذي منح المنجِّمين والمشعوذين وقارئات الكف والفنجان وضاربات الودع، قدرا كبيرا من الاهتمام، مع قناعتنا كمسلمين بأنهم كذبوا ولو صدفوا، «صدفوا» (ف) وليس (ق) «صدقوا»، هذه العبارة صحَّحها لي أستاذ النقد الدكتور حسام عقل، والمصادفة أصدق من صدقهم، لأن الصدق ليس من صفاتهم، بل هي مصادفة حدوث بعض توقعاتهم، إلا أننا يجب ألا نُؤمن بقراءاتهم، أو نُصدِّق أقوالهم. مع هذه القناعة ب»كذبهم»، واليقين بأن «الغيب في علم الله»، إلا أن الفضول حول ما يأتي به العام الجديد ربما يغلب بعضنا، أو من باب العلم بالشيء، أو تلمُّس أحوال العالم حولنا الذي يضطرب بالأحداث: حروب، مظاهرات، أزمات سياسية واقتصادية، ربما هذا دفعني لمتابعة إحدى قارئات عام 2019م على إحدى القنوات، كانت تتحدَّث في البداية عن التغيُّرات السياسية في وطنها، ثم انتقلت إلى الوطن العربي، لكنها استحوذت على اهتمامي عندما قالت: «نبدأ من السعودية»، ظننتها ممَّن تُبطن شرا، كما تفعل الأصوات الحاقدة في كثير من البرامج التلفزيونية والفضائيات الموجَّهة وقناة الجزيرة، لكنها قالت كلاما، يبدو لي أنها قراءة جيِّدة لواقع المتغيرات التي حدثت، ولا تزال تحدُث في وطننا، لم يكن ما ذكرَته تنجيما ولا قراءة للمستقبل، يمكن أن تُؤخذ على محمل التكذيب، أو تحمّل إثم تصديقها، لأنها فعلا تستند إلى قراءة تحليلية لواقع التحوُّل الوطني 2020 ورؤية 2030، والأوامر الملكية الأخيرة التي استحوذت على اهتمام الناس في الداخل والخارج، كل يقرأها بطريقته، ويُغنِّي على ليلاه، لا أريد أن أتعلَّق بقشِّة المنجِّمين وقارئات الطالع، بل تعلَّقت بالأمل والقراءة الجيدة وصياغتها في أي شكلٍ، سواء كانت أمنياتنا لعام ميلادي جديد يحتفل به العالم أجمع، ونحن جزء من هذا العالم، أو تطلعات تتسق مع الرؤية ومع القرارات الملكية الأخيرة والتشكيل الوزاري الجديد الذي جاء متوافقا مع متطلبات المرحلة، ويُلبِّي احتياجات المواطن السعودي بشكلٍ خاص، يتلمَّسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، لذلك يأتي التغيير في كل مرة مُحقِّقا لكثير من الأمنيات والتطلعات، ومستجيباً للمصالح العليا للوطن، أي أني لا أصدق المنجمين ولو صدفوا، لذلك أذكر بعضاً مما ذكرته تفاؤلاً بالخير، وقناعةً بإيجابية التغيير. قالت ليلى عبداللطيف على إحدى الفضائيات: «بالرغم من الضغوطات والحملة التي تتعرَّض لها المملكة العربية السعودية، السحر سينقلب على الساحر، ستعود السعودية أقوى من السابق على الصعيدين الداخلي والخارجي، السعودية قادمة على كثير من التطورات والتغييرات الإيجابية خلال المرحلة القادمة، وسيقوم الأمير محمد بن سلمان بالمزيد من الإجراءات الداخلية التي ستنقل المملكة إلى قمة التغيير داخلياً وخارجياً، المملكة ستنعم بالأمن والأمان بفضل الإنجازات التي يقودها الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان». انتهى الاقتباس، ولم ينتهِ ما ذكرته عن مستقبل السعودية، لكنِّي أحببتُ نقل صورة صغيرة للسعودية في عيون المستقبل، فالمستقبل لا يأتي مُحقِّقاً الآمال والطموحات دون رؤية مبصرة، وعمل جاد وجهد متواصل، وهذا يحدث الآن في كل بقعة على أرض الوطن، «الأوامر الملكية الأخيرة، التشكيل الوزاري الجديد»، بما يُحقِّق رؤية 2030، ويستجيب لتطلعات المواطن، «التعليم، الصحة، الخارجية، الرياضة، الإعلام»، كلها بحاجة إلى تحديثٍ في بنيتها الإدارية والسياسية، لتُواكب مستجدات الأحداث في الداخل والخارج.