يقولون: جدة غير، وهي فعلاً غير عن بقية مدن ومحافظات المملكة، حيث تتميز بإطلالتها الجميلة على البحر الأحمر، ونسمات هوائها العليل، وعمق جذورها التاريخية التي تمتد لأكثر من ثلاثة آلاف سنة، ولكن هذه المدينة تعاني كثيرًا من أول رشة مطر تهطل عليها، وتغرق في شبر ماء، وذلك لسوء نظام تصريف مياه الأمطار والسيول فيها، والتعدي على حرم أوديتها، وقفل معظم مخارج تصريفها الطبيعية والاصطناعية عن الوصول للبحر، وذلك ببناء المخططات العشوائية في معظم أرجائها، وإعاقة حركة تصريف مياهها. محافظة جدة، أو مدينة جدة نفسها ينخفض مستوى منسوب ارتفاعاتها في بعض الأحياء، حيث يرتفع منسوب المياه الجوفية إلى مستويات قريبة من سطح الأرض، ولذا فهي معرَّضة لغمر المياه مع أول رشة مطر، حتى ولو كانت كميات العاصفة المطرية الواحدة (10 ملم) فقط، حيث تتجمع المياه بشكل كبير في كثير من أحيائها، وشوارعها، وطرقاتها، وأنفاقها، وتعيق الحركة بين جنباتها، وتصيب المدينة بشلل تام في معظم أجزائها. ساهمت الدولة بدفع أموال طائلة (مليارات الريالات) لحل مشكلة تصريف مياه الأمطار والسيول، والصرف الصحي، ولسنوات طويلة لأكثر من (40 عامًا)، ولكن للأسف لم يتحقق الهدف المنشود من خدمة هذه المدينة وساكنيها بالشكل المطلوب، لضعف إنجازات العمل سواءً من قبل الشركات الاستشارية، أو الشركات المنفذة لهذه المشاريع، حيث إن مشاريعها لم تصل إلى حلول مقنعة، أو جذرية لحل مشكلة (مياه الأمطار، السيول والصرف الصحي)، التي أصبحت تؤرق معظم الساكنين لهذه المدينة الجميلة. أضحى الناس في قلق دائم من أي قطرة ماء تهطل من السماء، لأنهم يعلمون جيدًا أن السيناريو سوف يتكرر مرة تلو الأخرى من غرق للشوارع، وقفل للأنفاق، وإرباك لحركة المرور، وتعطيل حركة السير لعدة ساعات، وصعوبة الوصول إلى أي نقطة في المدينة إلا بعد جهد جهيد من تعطيل للجامعات، والمساجد، والمدارس، والأعمال، وحجز جبري للساكنين حول تجمعات المياه التي تحيط بمنازلهم من جميع الجهات، وتعطل الأمور الحياتية للناس حتى تتدخل الأمانة لفك الحصار بشفط المياه ونقلها إلى أماكن أخرى. معالي أمين محافظة جدة ومساعدوه.. كان الله في عونهم لأنهم ورثوا تركة ثقيلة تحتاج إلى تضافر للجهود، وعمل شاق مع عزم وإصرار الرجال لحل هذه الإشكالية، التي أصبحت هاجس الناس، ولكن مادام هناك حرص من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين سمو الأمير محمد بن سلمان (حفظهما الله)، ومتابعة دائمة من سمو أمير المنطقة وسمو محافظ جدة -رعاهما الله- فإننا نأمل خيرًا وذلك بتسهيل أمور المواطنين وحل إشكالاتهم الممثلة في الأمطار والسيول، وتذليل الصعاب لساكنيها، وإبراز جدة في أبهى صورة لأنها بوابة الحرمين الشريفين وقبلة المصطافين من الداخل والخارج. الدعم المادي والمعنوي اللا محدود من حكّام هذه البلاد وأجهزتها الحكومية مسخرة لسكان هذه البلاد، فالأموال مرصودة، وجهود الرجال المخلصين المتفانين في حب الوطن ومواطنيه موجودة، وحسن ظن المواطنين بقيادتهم الحكيمة وحكومتهم الرشيدة قائم، لذا سوف نجد الحلول المناسبة لحل إشكالات مدينتنا الغالية في القريب العاجل بإذن الله.