أمر الرئيس الاميركي دونالد ترامب بسحب القوات الاميركية من كل الاراضي السورية معتبرا أن تنظيم الدولة الاسلامية هُزم، ما أثار حالة من القلق واعتراضات داخل معسكره نفسه. هذا الإعلان المفاجئ الذي يحدث تغييرا عميقا في ميزان القوى على الساحة السورية حيث لروسيا وزن كبير، جاء وسط حالة من الارتباك ليعزز صورة رئيس معزول حول هذا الملف داخل إدارته. وينتشر حاليا حوالي ألفي جندي أميركي في شمال سوريا لا سيما من القوات الخاصة التي تشارك وتنسق القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية وتدرب قوات سورية وكردية في المناطق المستعادة منه. في الفترة الأخيرة حذر عدد من كبار المسؤولين الأميركيين من انسحاب متسرع يطلق يد روسيا وإيران حليفي الرئيس بشار الأسد في سوريا. ولكن ترامب أعلن أن "الوقت حان" لعودة الجنود الأميركيين الى الوطن. وقال في رسالة بالفيديو بُثت على موقع تويتر عن القتال ضد تنظيم داعش، "لقد انتصرنا. لقد دحرناهم وأنزلنا بهم هزيمة قاسية. لقد استعدنا الأرض. لذا فإن أبناءنا، شبابنا من النساء والرجال (...) سيعودون جميعا، وسيعودون الآن". ولم يتمكن البيت الأبيض ووزارة الدفاع من تحديد تاريخ هذا الانسحاب. وقال مسؤول أميركي طلب عدم الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس "إنه انسحاب كامل" سيجري في أقرب وقت. وأفاد دبلوماسي أميركي أن ترامب اتخذ قراره بشكل نهائي الثلاثاء. وفي مواجهة الانتقادات التي جاءت من سياسيين جمهوريين وديموقراطيين على السواء، شدد ترامب في رسالته المسجلة على أن هذا هو التوقيت الصحيح لمثل هذا القرار. وقال "انهم يستعدون، وسترونهم قريبا جدا. هؤلاء هم أبطال أميركيون كبار". ولم تتوفر معلومات حول أثر القرار على حملة الضربات الجوية التي تنفذها واشنطن في سوريا منذ نهاية 2014. "خيانة" للأكراد" يضع هذا الإعلان وحدات حماية الشعب الكردية في موقف صعب للغاية علما أنها تحارب بدعم من واشنطن تنظيم داعش في شمال سوريا بعد أن هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مجددا "بالتخلص" من هذه القوات إذا لم يرغمها الأميركيون على الانسحاب من المناطق الحدودية. وتعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية منظمة "إرهابية" مرتبطة بحزب العمال الكردستاني الذي يقاتل ضد الجيش التركي على الأراضي التركية منذ عام 1984. في غضون ذلك، قال رافع اسماعيل (23 عاما) التاجر في القامشلي ان "انسحاب القوات الأميركية من شرق الفرات هو خيانة أميركية لمبادئ الإنسانية (...) ويشكل تناقضا صارخا مع ما كانت تعبر عنه (واشنطن) سابقا أنها تريد الحفاظ على سلامة وأمن الشعب السوري وتحديدا الشعب الكردي الذي قدم الكثير من التضحيات في مكافحة الإرهاب". من جهته، اعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ان بلاده تبلغت القرار مسبقا، موضحا ان حكومته ستدرس تداعيات الانسحاب الاميركي من سوريا لكنها "ستدافع عن نفسها" ضد أي أخطار محتملة. وشنت إسرائيل عشرات الضربات في سوريا منذ اندلاع الحرب في 2011 ضد ما قالت إنه قوافل أسلحة موجهة لحزب الله اللبناني ومواقع للحزب ولمقاتلين إيرانيين. "خطأ فادح" حتى الأسبوع الماضي كان مبعوث الولاياتالمتحدة للتحالف الدولي لمكافحة "الارهاب" بريت ماكغورك يؤكد أن الاميركيين سيبقون لوقت طويل في سوريا. وقال للصحافة في واشنطن "حتى لو ان نهاية سيطرة الخلافة على الأراضي باتت في متناول اليد الان، فإن الانتهاء من تنظيم داعش سيستغرق وقتا أطول بكثير" لأن "هناك خلايا سرية" و"لا أحد من السذاجة لدرجة القول إنها ستختفي" بين عشية وضحاها. وتابع ماكغورك "لا أحد يقول إن المهمة قد أنجزت. بالطبع لقد تعلمنا دروسا كثيرة. لذا، نحن نعرف أنه لا يمكننا فقط حزم الامتعة والرحيل بمجرد أن يتم تحرير الأراضي". ولطالما حذر وزير الدفاع جيم ماتيس من انسحاب متسرع و"ترك فراغ في سوريا يمكن أن يستغله نظام الأسد أو من يدعمه". وفي المعسكر الجمهوري، أعرب العديد من المشرعين عن أسفهم لقرار ترامب. وسارع السناتور ليندسي غراهام الى ابداء تحفظاته معتبرا عبر تويتر ان "انسحاب هذه القوة الاميركية الصغيرة من سوريا سيكون خطأ فادحا". وقال السناتور المحافظ بن ساس في بيان لاذع إن جنرالات الرئيس ليس لديهم "أدنى فكرة من أين جاء هذا القرار". واعتبر زميله ماركو روبيو ان هذا القرار الذي اتخذ رغم تحذيرات العسكريين يشكل خطأ "سيظل يطارد أميركا لأعوام".