«لسانك حصانك إن صنته صانك وإن هنته هانك» كما يقال الملافظ سعد، أمثال شعبية متداولة تؤكد لنا أن الكلمة التي ينطقها الانسان إما أن تصون كرامة الإنسان وتنشر قيم التسامح والود بالمجتمع وإما تكون قنبلة موقوتة تدمر الأخضر واليابس وتهدم سلامة المجتمعات بما تحمله من قسوة لاذعة كظاهرة التنمر الإلكتروني التي أصبحت جريمة العصر القاتلة والتي تأتي عن طريق استخدام الوسائل الإلكترونية وساحة الإنترنت لممارسة الإيذاء اللفظي وبالأخص الإيذاء النفسي والاجتماعي للشخص بشكل عدائي والطعن بسمعته والتشهير به وشن حملات نفسية شديدة عليه. فنرى أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت مكتظة بالتعليقات والتغريدات السوقية وتخوض في الأعراض وتنتهك الخصوصيات، ملتهبة بالقذف والشتائم التي تصدر من جميع الفئات العمرية، فالانتقاد الجارح ليس حرية شخصية والسخرية من الآخرين ليس تسلية. فالكثير لا يعي خطورة هذه الكلمات المؤذية التي تكتب بقلب بارد تخرج من أفواههم بكل بساطة، يضربون بمشاعر الآخرين عرض الحائط غير مكترثين لما سينجم بعدها من أضرار نفسية تصيب المتلقي فهذا اللسان إذا استُخدم بصورة حضارية حقق المكاسب العظيمة ولكن إذا كانت مطيته الألفاظ الجارحة والكلمات القاسية حقق نتائج عكسية تثير خراب العلاقات العامة وتدمر الوشائج الاجتماعية. وقد حذرت كافة الشرائع السماوية من الاستخفاف بأهمية الكلام وبينت الآثار التي تترتب عليه في الدنيا والآخرة، فالقرآن الكريم يؤكد على أن الأقوال تسجل في صحيفة الإنسان مثلما تسجل الأعمال ولابد يومًا من أن يُسأل عنها الإنسان؛ اذ قال الله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد). ولأن اللسان سلاح ذو حدين فلقد حذرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن نستخدمه فى الإيذاء وقال: (المسلم من سلم الناس من لسانه ويده). لذا يجب على الحكومات ومنظمات حقوق الإنسان ومؤسسات حماية الأسرة والأطفال إطلاق حملات توعية لكافة الأعمار حول سلوك التنمر وأشكاله وطرق التعامل معه والوقاية منه وعلاجه.