غيرت وسائل التواصل الاجتماعي منذ بدء ظهورها في منتصف العام 2008 وجه الإنسانية.. بل وأسهمت كثيرًا في خلق سبل جديدة للتواصل والإعلانات، وكذلك النشر الإعلامي؛ ما قلص كثيرًا من أداء شركات الدعاية والإعلان ووصل بنا إلى أن تكون هذه الوسائل هي البديل الفعلي، لاتصالاتنا كافة مع من حولنا. ولكن هذا لم يأت دون ثمن، والثمن هنا جاء على شكل لوثة أصابت أطياف المجتمع كافة؛ ما جعلنا وسط بشر فقدوا إحساس الحياة نفسه فنادرًا ما تجد من يستمتع بمشهد طبيعي أو فني، دون أن يوثق ذلك بكاميرا الجوال، بل وصلت اللوثة أن لا يتناول أحد فنجان قهوته دون تصوير الفنجان وبثه في منصات التواصل الاجتماعي، وكأن العالم يهتم به وبقهوته والأدهى من ذلك أن الخصوصية انتهت في بيوتنا مع ثورة انستقرام وسناب شات فتسربت صور ومشاهد من حياتنا الشخصية لمن يتابعوننا، وبعد كل هذا وصلنا إلى متلازمة الإجرام والعنف في الانفصال الاجتماعي، فصار البعض يقوم بالمقالب التي قد تصل إلى أذى أقرب الناس إليه لمجرد رفع عدد المتابعين له على منصات الانفصال الاجتماعي والأخلاقي. لا شك أن التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين، وله منافع كما له مضار ولكن ما نراه هو عدم وعي في استخدام منصات التواصل الاجتماعي بل هي جاهلية ما بعدها جاهلية وصلت بنا إلى أن نكون فارغي المحتوى عديمي الجدوى من حيث ما نقدمه في حساباتنا على وسائل التواصل.. إن البيت الواحد والعائلة الواحدة أصبحت تضم أفرادًا لا يعرفون عن بعضهم شيئًا والمشهد نفسه يتكرر، أشخاص عدة في مكان واحد ولكنهم هائمون في عوالم مختلفة.. نسأل الله السلامة والعافية.