دأبت وزارة المالية على عقد مؤتمرات صحفية دورية في مقر الوزارة للكشف عن الكثير من التفاصيل الخاصة بأداء الميزانية العامة للدولة، وتأتي تلك المؤتمرات بصفة ربع سنوية، حيث يوضح فيها تفاصيل إجمالي الإيرادات والمصروفات ومقارنتها بنفس الفترة من العام الماضي، كما يتم من خلالها تقديم تفسيرات للارتفاعات والانخفاضات التي تشهدها كل فترة سعيا من الوزارة لتعزيز الشفافية والإصلاح المالي، وتسليط الضوء على الجهود المبذولة لتطبيق إجراءات وتدابير كفيلة بإحداث نقلة نوعية من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية. لأول مرة في تاريخ وزارة المالية كانت تُقدِّم مثل تلك التقارير الربع سنوية، والتي يقوم من خلالها معالي الوزير بتوجيه الدعوة للإعلاميين، ويعرض عليهم ما قامت الوزارة بإنجازه كل ثلاثة أشهر، ويقوم في نفس الوقت بالاستماع إلى استفساراتهم وأسئلتهم ويجيب عليها ويتجاوب معهم ويسمع اقتراحاتهم ويتأمَّل في انتقاداتهم ويكشف لهم عن الخطط المستقبلية، كما يحرص على توضيح المعوقات الموجودة والحلول المقدمة، كل ذلك في إطار من الشفافية والمصداقية. بالأمس تواصلت تلك اللقاءات الدورية الاستثنائية، غير أنها خصصت ولأول مرة في تاريخ ميزانية المملكة لإعلان البيان التمهيدي للميزانية العامة للدولة للسنة المالية 1440/ 1441ه (2019م)، إذ أوضح معالي الوزير خلال ذلك البيان أن الاستراتيجية المالية العامة تسهم في خفض معدلات العجز وتدعم استدامة المالية العامة والنمو الاقتصادي على المدى المتوسط، كما أشار إلى نجاح تطبيق العديد من المبادرات لتنمية الإيرادات غير النفطية وتحسين كفاءة الإنفاق وتحسين آليات استهداف المستحقين للدعم، فقد انخفض عجز الميزانية خلال النصف الأول من السنة المالية الحالية 2018م وبلغ حوالي 41,7 مليار ريال، منخفضا بحوالي 31 مليار ريال عن العجز المسجل في الفترة المماثلة من العام الماضي، وذلك بالرغم من نمو النفقات بنسبة 26% . تلك المبشرات الإيجابية والمؤشرات الاقتصادية الأولية عكست التقدُّم الذي يشهده الاقتصاد الوطني، فقد سجَّل الربع الأول للناتج المحلي للعام الحالي نمواً بمقدار 1.2% مقارنة بتراجع يُقدَّر ب0,8% لنفس الفترة العام الماضي، كما سجل الناتج المحلي غير النفطي نموا بنسبة 1,6% مقارنة بتراجع خلال العام الماضي يُقدَّر ب0,3%، وقد ساهم هذا الأداء والشفافية في جعل صندوق النقد الدولي يشيد في تقريره الأخير بالتقدم الذي حققته المملكة، وعزز من توقعاته الإيجابية بنمو القطاع غير النفطي، كما أبدى ثقته بالنجاحات المستمرة للاقتصاد الوطني. النهج الذي اتبعته وزارة المالية في الالتزام بتطبيق أعلى معايير الشفافية والإفصاح المالي من خلال نشر البيانات والتقارير الدورية إضافة إلى البيان التمهيدي للميزانية العامة للدولة من شأنه أن يُعزِّز روح التفاؤل والشفافية، كما يساهم في تقوية الثقة في الاقتصاد الوطني.