اللحاق بركاب المستقبل مرهون بتسجيل الحضور مبكراً وحجز موقع في وسائل التمكين.. والأمم الواعية تعد نفسها للتعايش بوعي مع جديد العصر، وأهم آليات التعايش تأمين متطلبات المستقبل من خلال تنشيط الفكر المنفتح، وإعلاء شأن «اقتصاد المعرفة» الذي يلبي احتياجات المستقبل ويشبع نهم الأجيال للمعرفة. المملكة تمضي قدماً نحو المستقبل، في ظل رؤيتها الطموحة التي اتضحت معالمها وتنعكس صورها في المشاريع الطموحة، مثل «نيوم»، المشروع الاستراتيجي، الذي يعكس قدرة العقل السعودي على الإبداع والابتكار واجتذاب الاستثمار العصري. فهناك شواهد على أن تقنيات «الذكاء الاصطناعي» تشكّل حجر الزاوية في التحولات الكبرى التي تشهدها بلادنا، فالذكاء الاصطناعي بما يحمله للعالم من جديد وتجديد، من أهم مخرجات «اقتصاد المعرفة»، ونزوع الفكر الاقتصادي إلى إيجاد بدائل تناسب هيمنة التقنية على الحياة. والتعريف بمفهوم «الذكاء الاصطناعي» وشرح مظاهره وعوالمه يطول ويتّسع مع كل تقدم وفتح جديد يتم إحرازه في هذا الحقل المعرفي المتماهي مع المستقبل، ولكن إيجازاً يُعرف هذا الميدان بأنه «الذكاء الذي تبديه الآلات والبرامج بما يحاكي القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها، مثل القدرة على التعلم والاستنتاج ورد الفعل على أوضاع لم تبرمج في الآلة».. وهو أيضاً الحقل الأكاديمي الذي يعنى بصنع حواسيب وبرامج قادرة على اتخاذ سلوك ذكي. وربما هذه القدرات ما جعل بعض المتوجّسين يذهب إلى أن تقنية الذكاء الاصطناعي يمكن أن تهدد العقل البشري وتحيله إلى التقاعد، ولكن حقيقة الأمر هي أن الذكاء الاصطناعي أحد منتجات العقل البشري ومن ثمرات التعليم الذي يحرر العقل، ولذلك فتطوّر هذه التقنية يعتمد على مزيد من تحرر العقل وفك القيود التي تكبله بالتعليم التقليدي. وبما أن المملكة شرعت في تجديد بنية التعليم بما يجعل المناهج تنتج العقل الإيجابي الناقد القائد، فإن المعنيين بمنتج التعليم العصري مدعوون لنشر ثقافة الذكاء الاصطناعي، وضرورة أن يعي المجتمع تبعات التحول القادم من حيث تطوير المهن وإحلال مهن جديدة تتواءم مع احتياج سوق العمل. وإلا فكيف نعد طاقات شبابية لمرافق مشروع «نيوم» الذي ستستخدم فيه الروبوتات بكثافة؟.