أخيراً، حلّ التاسع من شهر أغسطس 2018 م، وجاءت فاتورة الكهرباء، وما زالت مرتفعة مثل قمّة جبل الكُر في الطائف، على كلّ شرائح الناس، لكنّها جاءت بمظهر جديد، أو ب «نيو لوك» كما يُقال في عالم المرأة والجمال، وصوالين المُوضة والأزياء!. وتمثّل النيو لوك في تقسيط الفاتورة، بحيث يدفع المُستهلِك جزءًا منها ويُرحِّل الجزء الآخر للمستقبل القريب، وفق آلية ابتكرتها مشكورةً شركة الكهرباء من باب الشفقة على المُستهلِك، تماماً مثل شفقة شركات السيّارات عليه، لا تُقِرّ هذه الأخيرة أنّ المشكلة ليست في تقسيط سعر السيّارة بل في ارتفاع قيمتها مقارنةً بدخل المُستهلِك المتواضع فلا يستطيع شراءها نقداً، وكذلك فعلت شركة الكهرباء بتقسيطها لفواتيرها، لا تُقِرّ أنّ المشكلة هي في ارتفاع قيمة فواتيرها مقارنةً بدخل المُستهلِك، وأنّ من المُستهلِكين من كانت نسبة قيمة فاتورة كهربائه إلى راتبه هي 25٪، بينما تُعتبر الكهرباء عنصراً واحداً فقط من عناصر الخدمات الكثيرة التي يدفع فواتيرها من راتبه، فماذا تركت الكهرباء لهذه العناصر من راتبه؟وانضمّت الشركة بهذا لنادي المُقسِّطين الكُثُر على المُستهلِك في جُلّ مشترواته ومقتنياته، ممّن كادوا يكونون عليه لِبَدا، ويمنعون عنه الأكسجين حال استلامه لراتبه، وسادت ثقافة التقسيط في كلّ شيء، فأصبحت حياة المُستهلِك عامرة بالتقسيط!. وربّما ستتنوّع أشكال تقسيط الكهرباء مثلما تنوّعت أشكال تقسيط السيّارات، بين تقسيط بالتمليك، وتقسيط بالإيجار المنتهي بالتمليك أو التفليس، وتقسيط بكفيل غارم، وتقسيط بمُعرِّف حضوري، وتقسيط بدفع 50٪ الآن و50٪ بعد سنة، وربّما تستغلّ البنوك هذا الوضع فتُموِّل المُستهلِك للتقسيط الكهربائي وتزداد القروض عليه، وكأنّه ناقص قروض!. لكن ليس من المؤكّد أن تمنح الشركة ضماناً لكهربائها كما تفعل شركات السيّارات لسياراتها، خصوصاً ضمان عدم انقطاع الكهرباء في الصيف والشتاء، إذ ما زالت الانقطاعات الكهربائية وجودة التيّار موضع تساؤلات كثيرة!. باختصار، صارت فاتورة الكهرباء كابوساً يجثم على صدر المُستهلِك، وإعادة النظر في قيمتها بما يناسب دخله هو الحلّ، لا التقسيط الذي يعالج العرض لا المرض!.