* في إحدى رحلات قدومي ل(المدينةالمنورة)، وبينما الطائرة تقترب منها، كان الحَاجّ الذي بجواري ينظر من خلال النافذة، وعيناه تغرقان بالدموع، وعنها أكّد لي: كيف لا أبكي وأنا سأزور للمرة الأولى مدينة مباركة هاجر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيها سَكَن، وجسده الطاهر فيها دُفِن! * وهنا (المدينةالمنورة) هي تلك الجوهرة، التي في أركانها تَنَزّلَت الآيات، وفي طرقاتها تجوَّلَ النبي عليه الصلاة والسلام، والملائكةُ عليهم السلام، والصحابَةُ رضوان الله عليهم، وكلُّ زاوية فيها نابضَة وناطقة بحكايات خالدة من تاريخنا الإسلامي. * فضائل مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم من المُسَلّمَات والثوابت، وفيها أُلِّفَت الكثير من الكتب والدراسات، ويمكن الرجوع لبعضها في الموقع الإلكتروني لمركز بحوث ودراسات المدينةالمنورة. * أما (أهل المدينة) الذين استضافوا رسول الله ونصروه؛ فيكفي على فضلهم قوله عليه الصلاة والسلام وهو يُخاطب الأنصار يوم حنين: (أمَا ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون برسول الله؟ لو سلك الناس واديًا وسلكت الأنصار شِعبًا لسلكت شعب الأنصار). * (المجتمع المدني) تشهد على فضله «القلوب» ماضيًا وحاضرًا، ومن سبقتْ له زيارةٌ لأيٍّ من الدولِ الإسلامية.. أو كان له لقاءٌ ببعضِ المسلمينَ الذين يعيشون في المهجر فسيَلمسُ الحبّ الكبير الذين يحملونهم لأهل المدينةِ النبوية. * أما لماذا يُحبّ المسلمون (أهل المدينة)؟، فلأنهم جيران النبي عليه الصلاة والسلام، ولأنهم يتميَّزون بأنهم يتعايشون مع غيرهم، فهم يُرحِّبون بالمهاجرين والزائرين، ويحتضنوهم؛ ويكفي شاهدًا على ذلك برنامج المؤاخاة في العهد النبوي، أيضًا هناك حُسن خُلقهم وسماحتهم، ولينهم وعطفهم، وهدوئهم، وحرصهم على خدمة مدينتهم وزوارها الكرام؛ ولذلك لا عجب أن يتسابق (شباب وفتيات طيبة الطيبة)، في شهر رمضان المبارك -كما في بقية الشهور- ومن خلال فِرقهم التطوعية المتعددة على خدمة زوّار مدينتهم خلال شهر رمضان المبارك؛ حيث قدَّموا أبهى صور التفاني والعطاء في شتى المجالات. * صدقوني (شباب المدينة النبوية) مَهْمُومُون جدًا ودائمًا بالتطوُّع لخدمة مدينتهم وضيوفها، فهذه دعوة لرجال المال والأعمال لدعمهم في نشاطهم، فهم يستحقون. * أخيرًا فضيلة الشيخ صالح المغامسي إمام وخطيب مسجد قُباء: أكّد ذات حوار: (بأن «مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة» بإجماع العلماء هما أفضل بقعتين على هذه الأرض، وأضَاف أمَّا أيُّهما أفضل؟ فجمهور العلماء أكد على أفضلية مكة، «ومنهم من رأى حَقَّ المدينة بالأفضلية»، وإليه ذهب عمر الفاروق وابنه عبدالله رضي الله عنهما، وهو رأي مالك رحمه الله)، وهو الذي رجَّحه الشيخ المغامسي، وتبقى (المدينتان الطاهرتان عند المسلمين بمثابة العينين في الرأس).